facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حق الصحفي في نشر المعلومات الخاصة


د. أشرف الراعي
24-09-2024 10:24 AM

مع الثورة الرقمية التي نشهدها، لا بد من القول إن الصحافة تخول ممتهنها (عضو النقابة المسجل فيها بحكم القانون) أن يقوم بنشر كافة المعلومات والبيانات والأخبار والتحليلات التي يصل إليها من دون قيود، لا بل إن دور الصحفي الأساسي هو القيام بهذه المهمة، وهذه هي مهنته ووظيفته بحكم القانون، لكن حريته في نشر المعلومات لا يجب أن تكون مطلقة من كل قيد؛ فلا يجوز له خرق حرمة الحياة الخاصة للأفراد.

وقد نصت على ذلك المادة 4 من قانون المطبوعات والنشر بقولها: "تمارس الصحافة مهمتها بحرية في تقديم الأخبار والمعلومات والتعليقات وتسهم في نشر الفكر والثقافة والعلوم في حدود القانون وفي إطار الحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام الحياة الخاصة للآخرين"، وهو عين ما قررته الفقرة (أ) من المادة 7 من ذات القانون والتي نصت على أن "آداب مهنة الصحافة وأخلاقياتها ملزمة للصحفي وتشمل احترام الحريات العامة وحفظ حقوقهم وعدم المس بحرمة حياتهم الخاصة".
ليس هذا فحسب، بل كررت الفقرة (د) من المادة 38 من قانون المطبوعات والنشر النص على منع نشر كل ما يشتمل على ذم أو قدح أو تحقير للأفراد أو يمس حرياتهم، أو ما يتضمن معلومات أو إشاعات كاذبة بحقهم، لكن النقد الذي يمكن أن يوجه إلى هذا النص من وجهة نظرنا أن المشرع الأردني هنا لم يتناول تجريم خرق حرمة الحياة الخاصة عبر وسائل الإعلام، كما جاءت النصوص هنا فضفاضة وغير منضبطة.

كما يعاقب من يخالف أحكام هذه المادة بغرامة لا تقل عن 500 دينار ولا تزيد على 1000 دينار وفقاً لأحكام الفقرة (هـ) من المادة 46 من قانون المطبوعات والنشر الأردني، في حين تنص المادة 11 من ميثاق الشرف الصحفي على أن "يلتزم الصحفيون باحترام سمعة الأسر والعائلات والأفراد وسرية الأمور الخاصة بالمواطنين، وذلك طبقاً للمبادئ الدولية وأخلاقيات العمل الصحفي والقوانين المعمول بها".

ويعد هذا التكرار الذي أورده المشرع الأردني لهذه النصوص تأكيداً على حرمة الحياة الخاصة، وهو ذات ما أخذت به التشريعات المقارنة؛ فقد نص قانون تنظيم سلطة الصحافة المصري على عدم جواز التعرض للحياة الخاصة، فضلاً عن العقوبات الأخرى التي يقررها قانون الجرائم الإلكترونية ووفق واقع الحال.

لكن بعض العاملين في المجال الصحفي وفي إطار ممارستهم لمهنتهم قد يقومون ببعض الأفعال التي تعد خروجاً على القوانين المهنية، ومثالها أن يقوم الصحفي باستراق السمع أو نقل المحادثات الخاصة التي حرص المشرع على حمايتها ليس في النصوص الواردة في قانون العقوبات بل من خلال النصوص الواردة في قانون المطبوعات والنشر وميثاق الشرف الصحفي وذلك من خلال نص المادة 348 / مكررة التي جاء فيها "يعاقب بناءً على شكوى المُتضرر بالحبس مُدة لا تقل عن ستة أشهر وبالغرامة مائتي دينار كل من خرق الحياة الخاصة للآخرين باستراق السمع أو البصر بأي وسيلة كانت بما في ذلك التسجيل الصوتي أو التقاط الصور أو استخدام المنظار، وتُضاعف العقوبة في حال التكرار".

ولا تمنع نصوص قانون المطبوعات والنشر من محاكمة الصحفيين وفقاً لقوانين أخرى؛ إذ يمكن معاقبتهم وفقاً لأحكام قانون العقوبات كونه الشريعة العامة من جهة، ولكون قانون المطبوعات لم ينص على عبارة "بالرغم مما ورد في أي تشريع آخر"، وبالتالي فإن قيام الصحفيين باستراق السمع أو البصر ونقل المحادثات الخاصة يعد جريمة وفقاً للأحكام العامة الواردة في قانون العقوبات، ولكن ما هي الأحاديث التي يمكن للصحفي أن يقوم بنقلها؟

إن المحادثات الخاصة يمكن أن تكون مباشرة بين شخصين أو أكثر أو غير مباشرة من خلال وسائل الاتصال الحديثة سواء الهاتف الأرضي أو المحمول أو من خلال الاتصال عبر شبكة الإنترنت أو من خلال أية وسيلة تكنولوجية مُستحدثة؛ حيث يكون المتحدث في قمة الراحة النفسية ويبوح بأسراره الشخصية ومكنوناته النفسية، وأفكاره إلى غيره لأنه مطمئن له ومطمئن إلى عدم وجود طرف ثالث بينهما، لذا فإن حماية الأحاديث الخاصة بين إثنين أو أكثر تعد محمية بموجب القوانين.

لم يحدد المشرع الأردني أين تقع الأحاديث التي يتم التنصت عليها أو الاستماع لها؛ وأحسن المشرع بحسب ما نرى، على خلاف المشرع المصري والفرنسي (قبل التعديل)؛ حيث نصت الفقرة أ من المادة 309 / مكررة من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية في غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجني عليه: أ - استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت في مكان خاص أو عن طريق التليفون.."، وبالتالي فإن المشرع المصري اشترط هنا أن يكون النقل لمحادثات جرت في مكان خاص؛ وهو من وجهة نظرنا إضعاف لمفهوم الحماية لحرمة الحياة الخاصة؛ فالحياة الخاصة مفهوم أوسع من حوار يدور بين اثنين في غرفة مغلقة؛ بل إنه حق من الحقوق الشخصية المرتبطة بإنسانية الإنسان وآدميته وحريته.

كما أن للصورة أهمية خاصة في العمل الصحفي، وتعد الصورة شكلاً من أشكال حرية الرأي والتعبير؛ حيث تنص الفقرة الأولى من المادة 15 من الدستور الأردني على أن التصوير يعد شكلاً من أشكال حرية الرأي والتعبير، وهو ذات ما نصت عليه المادة 47 من الدستور المصري، لكن هذه الحرية تبقى مقيدة بالقوانين ولا يجب الخروج عليها؛ حيث تزايدت أهمية الصورة بسبب التطور التكنولوجي الذي يشهده العالم حالياً.

إن التقاط الصور من قبل الصحفيين من قبيل الاعتداءات الشائعة على حرمة الحياة الخاصة، لا سيما بعدما شهد العالم من تطور تقني وتكنولوجي كبير؛ فضلاً عن السرعة في إمكانية نقل الصورة من المصور الصحفي إلى المؤسسة الإعلامية لبثها عبر الشاشة أو بيان مضمونها عبر الإذاعة أو نشرها في اليوم التالي في الصحيفة الورقية أو عبر المواقع والمنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي التي تتبع هذه المؤسسات الإعلامية.

وقد اعترف الفقه والقضاء بحق الفرد على صورته وعدم جواز الاعتداء عليها أو نقلها أو التقاطها أو التقاط أو نقل صورة لأمر يخصه أو لحياته الشخصية، أو استغلالها من دون إذنه وعلى الرغم من أن هذا الحق؛ أي الحق في الصورة يتلاشى في الكثير من الأحيان في وسائل الإعلام إلا أنه يبقى قائماً حال محاولة وسائل الإعلام انتهاك أو خرق حرمة الحياة الخاصة، لكن جانباً آخر من الفقه نفى حق الفرد على صورته بسبب عدم وجود نص تشريعي يقرر هذا الحق ، وهو ما لا نتفق معه؛ فالعديد من النصوص الدستورية والناظمة للعمل الصحفي والإعلامي وقوانين العقوبات في مختلف الدول نصت بشكل واضح على تجريم ومنع التقاط الصور من دون علم صاحبها.

وعلى الرغم من هذا الخلاف، إلا أن الحق في الصورة هو حق ثابت للشخص ولا يجوز للصحفي أو غيره أن يقوم بالتقاط صورة لأي شخص من دون أخذ موافقته أو الحصول على إذنه الخاص، ولا يشترط ان تكون الموافقة كتابية، بل يكفي أن تكون شفوية أو بشهادة الشهود؛ وقضت إحدى المحاكم الفرنسية بأن التقاط صور لشخص معين من دون الحصول على إذنه في فندقه الخاص يعد مساساً بحرمة حياته الخاصة.

ولا يتوقف الحق في عدم جواز التقاط الصور على الصحفيين، بل لا يجوز ذلك حتى لأقرب الأشخاص وفي ذلك؛ قضت محكمة صلح جزاء المفرق بتجريم فعل زوج قام بالتقاط صورة لزوجته وهي داخل الحمام ما اعتبره القضاء اختراقاً لحرمة حياتها الخاصة؛ حيث وجدت المحكمة أن واقعة الشكوى الثابتة للتخلص في أنه وخلال شهر رمضان المبارك لعام 2017 قام المشتكى عليه بالتطلع من خلال ثقب في الحمام على زوجته، كما قام بوضع كاميرا داخل الحمام في منزله وتم ضبطها لاحقاً وبناء على ذلك قدمت الشكوة وجرت الملاحقة.. واعترف المشتكى عليه بالجرم المسند إليه وبتطبيق القانون على الأفعال المرتبكة فإنها تشكل كافة أركان وعناصر جرم استراق البصر خلافاً لأحكام المادة 348 مكررة من قانون العقوبات.

كما قرر القضاء الأردني أن استراق النظر من خلال التصوير بالفيديو إلى عورة المجني عليها، استطالة إلى عورتها، ومن ثم فإن ذلك يعد من قبيل هتك العرض؛ ما يعني معه أن جريمة خرق حرمة الحياة الخاصة هنا قادت إلى جريمة أخرى أصبحت من اختصاص محكمة الجنايات الكبرى؛ وهو ما ورد في قرار لمحكمة التمييز جاء فيه أن "الأفعال التي ارتكبها المتهم من تركيبه كاميرا في حمام الرجال في مكان العمل الذي يعمل به مع المشتكية والتي تستخدمه الأخيرة للتجسس وتصوير المشتكية أثناء استخدامها للتواليت وتصويرها (صور وفيديوهات) وكشف عورتها .. وبالتالي فإن أفعال المتهم تشكل بالتطبيق القانوني كافة أركان وعناصر جناية هتك العرض خلافاً لأحكام المادة (297) من قانون العقوبات .. فضلاً عن جنحة خرق حرمة الحياة الخاصة".

وإضافة إلى ذلك، فقد قرر المشرع الأردني الحماية الجزائية للبيانات أو المعلومات التي يحصل عليها الصحفي أثناء ممارسته لمهنته؛ حيث تشكل هذه الحماية أساساً في حرمة الحياة الخاصة وعدم اختراقها، نظراً لكون الصحفي قد يحصل على معلومات أو بيانات خلال ممارسته لمهنته أو وظيفته.

كما فرض المشرع الأردني هذه الحماية في ميثاق الشرف الصحفي وقانون المطبوعات والنشر، فضلاً عن حمايتها الجزائية في قانون العقوبات؛ إذ لا يجوز للصحفي التشهير بالشخص أو عائلته أو استغلال هذه المعلومات التي حصل عليها من أجل ابتزازه وتحقيق منافع شخصية معينة؛ ذلك أن الالتزام بهذه المبادئ والأخلاقيات يحقق رسالة الصحافة المقدسة التي لا تخضع للانتهازية، أو الاستغلال الشخصي، أو الافتراء، أو التشهير المتعمد.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :