facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أين هي أزمة المناهج المدرسية


أكرم الزعبي
23-09-2024 10:05 PM

يختلف الأردنيون اليوم على التحديثات المستمرة للمناهج المدرسية، ما بين من يرى التحديثات الجديدة عملية طبيعية وضرورية لمواكبة التطور الحضاري والإنساني، ويدافع عنها بضراوة، وبين من يرى فيها تغريبًا للجيل الجديد، وعزلًا له عن تاريخه وإرثه الديني، لصالح الميوعة وهدم القيم المجتمعية، ويرفض أي تغيير أو تعديل، وعادةً ما يختلط الأمر على الجمعين في تحميل المسؤولية لوزارة التربية والتعليم، أو للمجلس الأعلى لتطوير المناهج، الذي صار مؤسسةً مستقلة عن الوزارة، بعد أن كانت مديرية المناهج واحدةً من مديريات وزارة التربية والتعليم وتتبع لها إداريًا بشكل مباشر.

كلا الفريقين يذهبان بعيدًا في التطرف الدفاعي عن وجهات نظرهما، وهو ما يقتضي دراسة الحالة بشكل موضوعيٍ، بعيدًا عن الاصطفافات المسبقة، ودعونا نعترف أنّ العملية التدريسية "المدرسية" برمتها هي عملية تثقيفية شمولية بالدرجة الأولى، وتمهيدية للمرحلة الجامعية التخصصية، ولو كان الأمر بخلاف ذلك لقلنا ماذا يستفيد من يريد التخصص في التاريخ من الجتا والجيب وحجم المكعّب ومساحة المستطيل !!، وماذا يستفيد من يريد التخصص في الطب أو الهندسة من تفعيلات الفراهيدي وبحوره الشعرية!! وماذا يستفيد من يريد التخصص في الموسيقى من جغرافيا بلاد الشام أو معادلات الفيزياء أو حتى من تاريخ الدولة العثمانية وحروبها!!

العملية التدريسية من هذه الزاوية تغدو عملية تربوية تثقيفية، هدفها وضع القواعد التأسيسية في عقل الطالب لإكسابه المفاهيم التربوية، وأدوات البحث والتحليل، واكتشاف القدرات لديه لتمكينه من اكتشاف ميوله ورغباته تمهيدًا لطريق التخصص الجامعي الذي يحبّ، وهذا يستدعي شمولية المناهج المدرسية وتسلسلها الهرمي للخروج بالنتائج والأهداف المرجوّة منها.

هذه الشمولية تقتضي أن يجد الطالب في المنهاج قواعد العربية والانجليزية، والتاريخ والدين الإسلامي والفن الإسلامي، والتاريخ الوطني والعربي القديم والحديث، والفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء والتراث، وشيئًا من علم الاجتماع والفلسفة، والفن الحديث ومدارسه، والموسيقى، والأدب العربي، والمسرح، والعلوم الطبيعية والرياضيات وغير ذلك من ثقافة عامّة متسلسلة، بحيث لا تكون مادةً للقراءة لأجل الامتحان فقط، ثمّ تُنسى بعده كأن لم تكن.

هذه العملية لا تقع مسؤوليتها على المنهاج وحده، بل تقع المسؤولية الكبرى فيها على مقدّم المنهاج وهو المعلّم المتسلّح بالأدوات الحقيقية لممارسة مهنة التعليم، ويفرض كذلك على واضعي المنهاج بأن تكون المادة التدريسية سهلة، تستطيع فيه الأسرة المساعدة في العملية التدريسية، بدل اللجوء إلى الدروس الخصوصية التي صارت عبئًا فوق عبء على الأردنيين جميعًا.

من خلال اطلّاعي على بعض مناهج أبنائي، لاحظت أنّ المناهج في وضعها الحالي كثيرة جدًا، ولا تساعد في تحقيق الهدف الأساس منها، فكثرة الكتب المدرسية في حقيبة الطالب عدا دفاتره، تشكلّ وزنًا ثقيلًا على الأطفال تحديدًا، كما أنّ كمّ المطلوب حفظه واستيعابه يتجاوز قدرة الأطفال عليها، ما يلقي مسؤوليةً وطنيةً على واضعي المناهج في ضرورة أخذها بعين الاعتبار، وأظنّ أنّ وجود ممثلين عن المعلمين في الميدان وعن قطاع الأهالي عند وضع المنهاج يجب أن يكون حاضرًا، فالمعلم الذي يدرّس المنهاج، والأم أو الأب الذي يتابع تدريس أبنائه، أقدر على تقييم المنهاج من الأكاديمي الجامعي الذي يضع المنهاج قياسًا على مناهج أخرى في دولٍ مختلفة، مع الإشارة إلى أنّ التعليم العالمي الحديث صار أكثر ميلًا إلى إلقاء الكرة في ملعب الطالب لناحية التحليل والاستنباط واكتشاف القدرات والبحث عن المعلومة، من ميله إلى الاتكّاء المباشر والوحيد على المنهاج وتقديم المعلومة بشكل مباشر.

المركز الأعلى للمناهج ووزارة التربية والتعليم مدعوان اليوم إلى إشراك الميدان والأهل في صياغة المناهج، والتعاطي مع ردود الأفعال الناتجة عن عميلة التحديث والتطوير بروح المسؤولية والهدوء والتبرير المنطقي، تمامًا كما أنّ على المواطن أن يتحرّى الدّقة وأن يقوم بالاطّلاع على المعلومة من مصدرها دون اللجوء إلى عملية القص والنسخ التي يروّج لها من لا يريدون الخير للبلاد والعباد.






  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :