ارحمونا من الاستراتيجيات ودعونا نعمل
فهد الخيطان
16-05-2011 03:27 AM
*** وضع الخطط اصبح هدفا بحد ذاته وبديلا عن تنفيذها..
كم من الاستراتيجيات انجزنا في الاعوام القليلة الماضية, خمسين, مئة? لا ابالغ ان قلت ان العدد اكثر من ذلك, فالقطاع الواحد ناله ما لا يقل عن خمس استراتيجيات. أسهل قرار على الحكومة او الوزير تشكيل لجنة لاعداد استراتيجية جديدة.
ليس امرا سيئا ان تكون لدينا استراتيجيات وخطط ولا اتصور مؤسسة في الكون تعمل من دون خطة او برنامج, لكن اللافت في الحالة الاردنية ان الاستراتيجيات التي نفترض فيها الديمومة والاستقرار تتغير أسرع من تغيير الحكومات والمسؤولين. وفي احيان كثيرة صار وضع الاستراتيجيات هدفا بحد ذاته وبديلا عن العمل لتنفيذها. المهم ان يكون عندك استراتيجية, تنشغل في اعدادها اسابيع واشهرا, وتُشَكَّلُ من اجلها لجان وتصرف اموال المنح والمساعدات عليها, وتعقد لأجلها مؤتمرات صحافية, ثم يعكف فريق آخر على وضع خطة تنفيذية للاستراتيجية. وفي لحظة تغيير حكومي او تعديل وزاري تذهب كل هذه الجهود هباء, فنعود الى نقطة الصفر.
وجود استراتيجية او خطة عمل لأي وزارة او قطاع يعني ان بامكان المعنيين فيه توقع الخطوات والقرارات والتكيف معها, لكن المفارقة ان القطاعات الأكثر ولوعا بالاستراتيجيات تتسم قراراتها وتوجهاتها بالعشوائية وتأخذ طابع المفاجأة والصدفة احيانا.
ووجود استراتيجية لقطاع ما يعطي الانطباع بانه يسير في الطريق الصحيح ويتقدم بخطوات واثقة الى الأمام. غير ان هذا الانطباع لا يعكس الحقيقة دائما, فهناك قطاعات عديدة تبنت استراتيجيات ولم تطبقها, واخرى تورطت في التطبيق ووجدت ان الخطط على الورق لا تتلاءم مع الواقع, والأسواء من ذلك ان بعض الوزارات مضت في تنفيذ الاستراتيجية حتى النهاية وانفقت لهذه الغاية عشرات الملايين من الدنانير, من دون تحقيق الغايات المرسومة, وابرز مثال على ذلك استراتيجيات مكافحة الفقر التي انفق عليها حسب الارقام الرسمية اكثر من 700 مليون دينار من غير ان تتراجع معدلات الفقر درجة واحدة.
وقبل سنوات طبّلت وزمّرت الحكومة لاستراتيجية وطنية للزراعة, لكن منذ ان دخلت حيز التنفيذ لم يشهد القطاع الزراعي يوما خيرا. فتارة ازمة تسويق وتارة اخرى ازمة تصدير وما بينهما, خسائر واختناقات وقروض متراكمة وكأن الاستراتيجية التي يفترض ان تتنبأ بالمشاكل وتعالجها لم تضع في الاعتبار ذلك كله.
لقد غرقت مؤسسات الدولة بالخطط والاستراتيجيات لدرجة اصبحت معها عاجزة عن التنفيذ ولسان حالها يقول: ارحمونا من الاستراتيجيات ودعونا نعمل.
fahed.khitan@alarabalyawm.net
العرب اليوم