الفزاعة والاستثنائية الأردنية
د. حسن البراري
16-05-2011 03:20 AM
التصريحات التي صدرت عن رامي مخلوف- رجل الإعمال السوري والمقرب من النظام- والتي ربط فيها بين استقرار سوريا واستقرار إسرائيل لا تختلف في الجوهر عن تصريحات القذافي إذ قال بأن سقوط نظامة يعني أن القاعدة ستصل إلى تل أبيب، بمعنى أن هناك محاولة غير مباشرة لاستنفار المجتمع الدولي حتى يتفهم وربما يساعد في تمترس هذه الأنظمة ويغض الطرف عن إصرارها على التعامل الدموي مع الثورات الشعبية.
قبل عامين هاجم أحدهم كتابا لي نشر في لندن في عام 2009 لأنني انتقدت فيه محاولات بعض الأنظمة العربية استحضار إسرائيل لتبرير الديكتاتورية في وقت أخفقت فيه في التحرير، ولم أكن الأول في طرق هذا الموضوع حيث هناك مقولات متجذرة في أدبيات الديمقراطية تربط بين وجود إسرائيل أو لنقل توظيف وجود إسرائيل والخطر الخارجي لتوحيد المجتمع في عدد من الدول العربية خلف القائد الذي لا يؤمن بالديمقراطية ممارسة، وكتب مالكولم كير متهكما بأن العرب كانوا سيبتدعون إسرائيل حتى لو لم تكن موجودة تماما كما فعل نابليون مع سنوبول في رائعة جورج أورويل!
وفي السياق نشير إلى أن إسرائيل لا تريد أن ترى تطورا ديمقراطيا في العالم العربي، فأي حكومة منتخبة ستعكس الموقف الحقيقي للشارع العربي من هذا الكيان الذي لم يأت على حساب الحقوق الفلسطينية فحسب بل ويتنكر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير فيما بقي له من أرضه. وربما التصريحات التي صدرت عن القذافي وعن رامي مخلوف تريد تذكير الإسرائيليين بأنه ليس من مصلحتهم أن يحدث تغيير ديمقراطي في المنطقة العربية لعل تل أبيب تستعمل ثقلها وتضغط على واشنطن حتى تغير موقفها من الثورات. وهذا تفكير ساذج لأن واشنطن التي احترفت التعامل مع الأنظمة لا تجد استراتيجية فعاّلة في التعامل مع الشعوب العربية التي قرر بعض منها أن يغير الأمور مرة وللأبد.
تكاد الأردن أن تكون الدولة الوحيدة التي تعاملت مع المظاهرات والاعتصامات في سياقها الصحيح ولذلك كانت الاستجابة مختلفة وكانت النتيجة مختلفة أيضا، فلم يسع الأردن لاستحضار العامل الخارجي والربط بين مطالب الإصلاح ووجود مؤامرة خارجية، ولم يسع الأردن إلى استنفار المجتمع الدولي، ففي كل خطابات الملك نجده متقدما على من سواه في موضوع الإصلاح، والكرة الآن هي في ملعب الحكومة والقوى السياسية والمجتمعية الأخرى للتوصل إلى تفاهمات وتوافقات وطنية حتى تصبح موضع التنفيذ.
hbarari@gmail.com
الرأي