facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اشكالية المناهج التعليمية التي نريد .. !؟


فيصل تايه
22-09-2024 11:27 AM

ما دفعني للحديث في هذا الموضوع ما شهدناه من جدل ساخن غير مسبوق، واحتجاجات من قبل أطراف مجتمعية وجهات رأت أن “المناهج الجديدة” بمضامينها جاءت في وقت نحتاج فيها الى الحديث عن تعزيز القيم والاتجاهات الايجابية والأخلاقيات المجتمعية المستدامة ، لكن الحملة التي انطلقت للهجوم على أحد كتب المناهج ، وتحديدا كتاب “التربية الفنية والموسيقية والمسرحية” ويظهر في أحد صفحاتها صورة المغنية سميرة توفيق ، جاءت في سياق الحديث عن الأغنية التراثية الأردنية والتعريف بها ، فالمقصود ان المسألة تجاوزت بكثير مجرد إيراد اسم مغنيه في كتاب مدرسي ، بل إنها مسألة تتعلق بفهم أعمق لدور الفن في تعزيز الهوية الوطنية الاردنية وفي نقل التراث للأجيال ، لذلك من الضروري فهمه في إدراك مرامي الأغنية الشعبية، ودورها، وخاصة في رسم صورة للشعب أكثر من الأدب الرسمي، لكن وفي اعتقادي ان التنمر الذي حصل كان على شخص الفنانة وليس على الموضوع .

نعلم تماماً ان الخبرة الأردنية التربوية في صناعة المناهج والمقررات الدراسية غاية في التنظيم والعمق والدراية، لكن ربما اعتقد البعض ان فريق التاليف لم يوفق من طرح هذا الموضوع بطريقة "متقبلة" تخدم الفكرة خاصة في الحديث عن مهمة اجتماعية فنية، تتضمن الكثير من الاعتزاز بالذات والقيم وتفيض في النفس الارتياح وتعزز منظومة الأخلاقيات التي تشيع بين أفراد المجتمع، فهي نتاج وعي جماعي منتمٍ إلى هذه القيم ، ما يتطلب توظيف ذلك باستدعاء نموذج من الفن الأردني التراثي، فهناك الكثير ممن أبدعوا في أداء الأغنية الشعبية الأردنية، ولا داعي لعرض صورة لشخص "مغنية" ، فتراثنا الشعبي ملئ بالعزة والنخوة، واغانينا الشعبية تعبر عن المزاج الشعبي في نهاية المطاف ، وإن الأغنية الشعبية في الأردن تسير مع غيرها من المكونات الثقافية المشكّلة لحركة الفن والثقافة، وهذان رافدان مهمان لأي ثقافة حية موجودة عندنا نحن العرب وموجودة عند غيرنا.

البعض يعتقد ان اي تغيرات في المناهج التقليدية تحضر معها نظريات المؤامرة والانتقاد وتتفيه الأجيال ، لكن المركز الوطني لتطوير المناهج قال في "بيانه" الأخير ان منهاج التربية الفنية هو اصدار جديد بنسخة "تجريبية" قابلة للتعديل وفقا للتغذية الراجعة ، كما وان المتمعن في هذا المنهاج يدرك أن الدروس فيه مصممة ومبنية في محتواها على المعلومات العلمية النظرية ثم ربطها مع واقع الحياة الأردنية ، بوصفها بيئة الطالب التي يتعلم فيها، ويتعلم من أجلها، وان هذا "التعريف" وهذا "التوظيف" جاء على هامش الدرس ، كمعلومات إثرائية للطالب بوصف ذلك مثالا واقعيا على الأغنية التراثية، ولم يكن هذا المثال محل شرح او نقاش ، وإنما انتقل المحتوى بعدها مباشرة إلى التقويم ، وبذلك يمكن دحض اي ادعاء أن هذا المنهاج يطرح هذه الشخصيات لتكون قدوة للاقتداء بها .

دعوني اتحدث هنا وفق ما تقدم ، وبعد كل تلك التساؤلات والانتقادات لبعض المناهج ، فالسؤال ألذي يطرح نفسه هو ، اية مناهج نريد ؟ والي ماذا نريد الوصول في مناهجنا ؟ وفي ذلك دعوني اتحدث بشكل عام عن المناهج الجديدة والتي تم طرحها مؤخرا ، والتي تتعرض للانتقاد بصورة مستمرة في ظل منظومة التفكير الجمعي التي تجتاحها نمطية سلوكية مقلقة ومستحدثة نشأت عن الاستخدام اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي ، فايه جزئية مضافة في مناهجنا تتعرض للتسطيح والابتذال والتهكم ، وهنا لا بد من الوقوف والتذكير بان الثابت أن العقل الحديث يحتاج إلى مناهج حديثة ذات آفاق علمية وعقلانية تشكل وعياً حراً تلبي متطلبات الألفية، مناهج بمضامين شاملة ، مرتكزة للارتقاء بالحس التنويري ، كما وتتحلّى بالجرأة في مجابهة التخلف والرجعية دون أية مهادنة تذكر .

لذلك يجب ان نقر في المقام الأول باهمية استيعاب أن تحضن مناهجنا وتبرز مختلف قضايا الدمقرطة والمدنية والمواطنة والإبداع والتفكير العلمي بشكل أعمق ، مناهج تصنع القطيعة اللائقة والمنتظرة مع النظام المعرفي القديم ، مناهج تنتفض ضد الأفكار الهدامة والطائفيات والخرافات والخزعبلات ، مناهج مستقلّة عن نمط التفكير القائم شديد الرثاثة والرتابة ، مناهج نعتز بها فعلاً وتنحاز إلى الإنسان والعقل ، مناهج لا تفضي بنا إلى حس القطيع التربوي الحاصل منذ عقود ، مناهج لا تقوم بتسييس الدين وتحترم التعدُّد والتنوّع الوطني والوسطية بكل اعتبارات التاريخ وتعتز بديننا الإسلامي الحنيف ، مناهج بنمط تنموي تماماً ، مناهج بلا تسطيح ثقافي .

اننا ومن خلال متابعتنا للمناهج الجديدة لاحظنا انها خرجت من النمطية التقليدية المكرورة ، في محاولات نحو تنوع محتوى المهارات والقيم ودلالتها ، واعتقد انها تركز على مخرجات الجيل الفكرية التي تأخذ بعين الاعتبار مختلف التغييرات الحاصلة في بنية الفرد الاجتماعية والسياسية والدينية والمتعلقة بالتربية كمجال إنساني مفروض وغير قابل للتحول ، إلى جانب انها عملية تعليمية مشوبة بالمتغيرات ومتصلة ومتوافقة مع أحداث المشهد الاجتماعي بكل ما يطرأ عليه من مستجدات ثقافية مقرونة بالقيم الأخلاقية وموائمة للفطرة الدينية التي تميز مجتمعنا عن سواه من المجتمعات متعددة العقائد ، والتي تقوم بتعليم أبنائنا قيم "التعايش" وتغرس فيهم وعيهم أنّ قيمتهم لا تتحدّدُ بجنسهم وألوانهم ولا بمستوياتهم الاجتماعية ، وإنما تتحدد بأخلاقهم وتواضعهم وتعاونهم أي "بقيمهم" الإنسانية ، كأفكار نابضةً بالحياة تجسد على أرض الواقع ، وصولاً إلى النتيجة المنتظرة لمثل هذه الرسالة والتي ستؤدّي إلى بناء نفوس تحترمُ بعضها بعضاً وتُحبّ بعضها وان اختلفت وجهات نظرها ، إذ قد تعلمهم مبدأً هاماًّ في حياتهم . وهو إن الاختلاف في الرأي لا يُفسدُ للودّ قضيّة .

ان من يتفحص مناهجنا الدراسية الجديدة يجد انها تسعى في جوانب منها الى تحقيق الأهداف التي تقودنا إلى تعزيز تطوير التعليم الذي يقتضي تطبيق أساليب التعليم الجيد ، وشحذ إحساس الطلبة بالمسؤولية ، وتنمية روح الابتكار لديهم ، وتمكينهم من حل المشكلات ، لكنها غفلت التركيز في جانب أخر في وضع سياسات تؤسس لثقافة جديدة تدعم الاشكال الجديدة والمستحدثة من انواع التعليم خاصة التعليم المهني والتقني والتكنولوجي بشكل اكثر عمقاً وبما يضمن الاستفادة من طاقات الشباب في بناء الوطن ، والتركيز على نوعية التعليم لإكساب الطلبة مهارات اقتصاد المعرفة التي تشمل القدرة على التكيف مع ظروف الحياة المختلفة والمعقدة ، واكتساب مهارات العمل ضمن فريق ، والقدرة على التفكير الناقد ، والإصرار والتفاؤل ، وهذا لن يتحقق إلا بمزيد من التعليم ، والتعليم الجيد.

وأخيرا .. فإن المناهج الدراسية الجديدة من وجهه نظري تتطلب الاتجاه نحو تجويد التعليم لضمان تنشئة المزيد من المواهب ، وهذا يقتضي مشاركة جميع المؤسسات الاجتماعية ، كما يقتضي العمل بروح عالية من المسؤولية حتى يتسنى للطلبة النمو بطريقة شاملة، فمسؤولية التعليم لا تقف عند وزارة التربية والتعليم فحسب بل إن للدولة بكافة مؤسساتها من إعلام وثقافة وأوقاف وإرشاد وحتى العدل وكل رجالها العلماء وقادة الرأي والفكر والمثقفين ومنظمات المجتمع المدني الكثيرة العدد والعدة التي يجب أن تكون مجندة لكل طاقاتها وأن تحشد كل إمكاناتها لغرس القيم الوطنية والأخلاقية والإنسانية..

وفي النهايه فالمهم هو "فضيلة" المعلم وما "يعطي" فالمعلم الناجح هو أهم أعمدة بناء التعليم الناجح.

والله الموفق





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :