facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




ذكريات .. عندما ضعتُ في قطار سطات


مصطفى القرنة
21-09-2024 04:35 PM

كانت الساعة تدق الواحدة ظهراً عندما بدأت رحلتي من الدار البيضاء إلى سطات، على متن القطار الذي كان يتعرج عبر المناظر الطبيعية المتغيرة. المقطورات كانت تعج بالحركة، والركاب يثرثرون ويضحكون، بينما كنت أسلي نفسي في التطلع من النافذة، متأملاً التغيرات التي يمر بها المشهد من المدن الصاخبة إلى الأرياف الهادئة.

وصلنا إلى محطة سطات بعد مدة ليست طويلة من الانتظار. مع نزولي من القطار، بحثت عن صديقي الذي كان من المفترض أن ينتظرني هناك. لكن، لم تكن هناك المحطة التي أريدها ولا المدينة التي أعرفها ، سرعان ما اكتشفت أن القطار الذي كنت على متنه كان متجهاً إلى بنغرير، مدينة صحراوية بعيدة، وليس إلى سطات. شعرت بارتباك شديد، حيث أنني لم أفهم تماماً ما قيل لي، والأمور تزداد تعقيداً.

بعد دقيقتين جاءت سيدة وقالت أن المقعد رقم ٩٢ هو لها ، نظرت في ورقتي كان نفس الرقم ، أدركت أن شيئا ما خطأ ، سألت أين يتجه القطار قالوا إلى بنغرير ، قمت وتركت المكان للسيدة وسرت في الممر ، ونظرت للخارج.

تصاعد قلق في داخلي، فالحقول البعيدة في الأفق بدت وكأنها تُشير إلى وجهتي غير المتوقعة ، الصحراء التي تمتد الى مالانهاية ،الركاب الذين يتخفون من المسؤول ليدخنوا ويرموا بقايا السجائر . المدينة التي كنت أظن أنها قريبة أصبحت بعيدة في لحظة. حاولت التواصل مع المسافرين، سائلًا عن أقرب طريق إلى سطات. كانت ردودهم مبهمة ومختلطة، مما زاد من حيرتي.

بنغرير، المدينة الصحراوية التي وجدت نفسي فيها، بدت كأنها مشهد من فيلم سينمائي، حيث الصحراء الذهبية تعانق الأفق والصمت يعم المكان. شوارعها الصغيرة والهادئة كانت تروي قصة مختلفة عن تلك التي كنت أتوقعها. بينما كنت أستشعر كل خطوة على رمالها، أدركت أن هذه اللحظات، رغم كونها غير متوقعة، تمنحني تجربة فريدة.

تواصلت مع الأصدقاء الذين كانوا في سطات، وطلبت مساعدتهم. بفضلهم، عثرت على القطار الأخير الذي كان قادماً من مراكش. لحظات الانتظار كانت مليئة بالتوتر، حيث كنت أترقب وصول القطار كمن ينتظر النجاة. وبعد رحلة العودة، هبطت في محطة سطات، ووجدت صديقي في انتظاري بابتسامة مشجعة.

بينما كنت أعبر الشوارع التي أصبحت مألوفة، تخيلت كيف سيكون شعوري لو قضيت الليل في بنغرير. كنت اتخيل المشهد ، ماذا لو بحثت عن رواية في بنغرير ثم ماذا تعني بنغرير ، هل المقصود ابن الغرير الحيوان الصحراوي الشرس كانت الفكرة تثير فيّ تأملات عن التغيرات الغريبة التي قد تطرأ على حياتنا، وكيف يمكن للرحلات غير المتوقعة أن تضيف أبعاداً جديدة إلى تجربتنا.

أعود إلى سطات، وكل شيء هنا يبدو أكثر تألقاً الآن. الذكريات التي صنعتها في تلك اللحظات غير المتوقعة أصبحت جزءاً من قصتي، تذكرني بأن الحياة مليئة بالمفاجآت، وأن كل تجربة، مهما كانت غريبة، تحمل في طياتها جمالاً ودرساً لا ينسى





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :