هذا المجتمع الذي لا تغيب عنه كل أنواع الاغاني ، عن أي شارع من شوارعه ، هذا المجتمع الذي عندما يفرح يرقص بالاغاني ، و عندما يحزن يستمع إلى الاغاني ، عندما يريد أن يلامس ناصية الوطنية يسمع للأغاني و عندما يريد أن يرسل رسائل الحب يستمع للأغاني ، هو ذاته المجتمع الذي يقيم المشانق لتفاصيل الاغاني ، فكيف إن كانت في هذه التفاصيل...سميرة توفيق...
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرا بصورٍ لمناهج مدرسية فيها مواد فنّية_موسيقيّة_رياضية ، تضمنت معلومات عن آلات موسيقية ، عن لاعبي كرة قدم ، عن أم كلثوم و سميرة توفيق ، و هذه عند مجتمع التوبة من الموسيقى و بورصة الايمان ، كبيرة من الكبائر ! فكيف تمادى كاتبو المناهج إلى هذا الحد؟ كيف تجرّؤا أصلا على ذكرٍ لصفحة فنية في تاريخ الأردن؟
سميرة توفيق التي انطلقت من هنا ، و التي أثبتت في خمسينيات القرن الماضي أن هذه الأرض لها ذائقة فنية تشبه القمح الذهبي ، و تستطيع أن تلعب على أوتار الفؤاد بكل احترام و شموخ ، لا تستحق منّا هذا النكران ، سميرة التي أتت في فترة عصيبة و حساسة ، فترة كانت بأمس الحاجة إلى صوت يعيد لها بعضا من الفرح و الشجون ، تستحق أن يعرفها الاجيال القادمة ، أن يستمعوا اليها ، أن يسمعوا صوتا عشقه الكبار ، الاجداد و الجدات.
سميرة التي مهما ابتعدت في الجسد عن الاردن لم تكنّ له يوما إلا الوفاء و المحبة، و التي لا تنسى مشاهد احتضان جلالة الملك عبدالله الثاني و جلالة الملكة رانيا العبدالله لها في احدى المناسبات الوطنية ، لم تسيء للأردن كما البقية ، لم تحرّض ضده ، لم تغتاله ، لم تنوي له في الباطن الاحقاد و السوء ، لم تكن مشروعا تخريبيا لنخر جسد هذا البلد!
البعض يجمع الصالح بالطالح ، يرى بعض الخلاعة الغير مقبولة و يعمّم ، يرى أن مغنية مغمورة تستطيع أن توضع في خانة فيروز ، و أن تلك التي تغنّي بجسدها تندرج في قائمة سميرة توفيق و صباح و غيرهن ، و هنا السؤال " هل يهاجم الدين لوجود رجل دين فاسد؟ هل يغلق معبد لأجل صلاة متأخرة ؟ هل تهدم مدرسة لأجل مدرّس مرتشٍ؟"
التعميم و موضة الاستشراف الحاصلة أصبحة جرعة مميتة في مجتمعنا ، فمن يرفض تقدير سميرة توفيق اليوم ، لو بُحِثَ في قائمة بحثه ، لوُجد الفضائع!
لسميرة توفيق كل الحُب...و حقك علينا