في عصر يتسم بالتغير السريع والتطور التكنولوجي المتسارع، تواجه الدول تحديات كبيرة في مجال الابتكار والتنافسية لضمان التنمية المستدامة. تعتبر تجربة الإمارات العربية المتحدة نموذجًا ملهمًا في إدارة التحولات الجذرية بنجاح، وتقدم دروسًا قيمة للأردن في سعيه لتحديث اقتصاده وتعزيز إدارته.

الأردن، بموقعه الاستراتيجي وموارده البشرية المتزايدة، يمتلك فرصة ذهبية للاستفادة من الثورة التكنولوجية العالمية. ليس مجرد تبني التكنولوجيا خيارًا، بل ضرورة استراتيجية لضمان النمو والابتكار. يتطلب هذا التحول استثمارًا في تطوير البنية التحتية الرقمية وتعزيز المهارات التقنية للأجيال الجديدة. عبر إنشاء بيئة داعمة للابتكار وتطوير برامج تعليمية متقدمة، يمكن للأردن أن يتبوأ مركزًا رياديًا في مجال التكنولوجيا والابتكار الإقليمي.

من الضروري أيضًا التركيز على تطوير قطاعات استراتيجية مثل التكنولوجيا المالية والتكنولوجيا الصحية، حيث توفر هذه المجالات فرصًا هائلة لتحفيز النمو الاقتصادي وتحسين جودة الحياة. استثمار الأردن في البحث والتطوير سيمكنه من تقديم حلول مبتكرة للتحديات المحلية والعالمية، مما يعزز قدرته على التكيف مع التغيرات السريعة في السوق.

التحول الجذري في التفكير يتطلب تغييرًا في النمط التقليدي إلى التفكير المبتكر. يجب على المواطنين وصناع القرار في الأردن تبني عقلية منفتحة على التغيير وقادرة على استيعاب وتنفيذ الابتكارات بفعالية. يتضمن ذلك تعزيز ثقافة الابتكار، وتشجيع التفكير النقدي والتحليلي، وتبني استراتيجيات جديدة في إدارة الأعمال.

تحسين الخدمات الحكومية يتطلب التخلص من البيروقراطية واعتماد حلول رقمية متقدمة. تجربة الإمارات في مبادرة "تصفير البيروقراطية" التي تستهدف إلغاء إجراءات حكومية وتقليص أوقات المعاملات، وتطوير خدمات رقمية شاملة مثل "الهوية الرقمية"، تقدم نموذجًا يمكن للأردن الاستفادة منه. تطبيق هذه النماذج يمكن أن يحسن الكفاءة الحكومية ويعزز تجربة المواطنين والمستثمرين.

إضافة إلى ذلك، يمكن للأردن أن يستفيد من مبادرات الإمارات في تحقيق "الحياد المناخي بحلول 2050"، والتي تمثل نموذجًا ملهمًا لمواجهة التحديات البيئية. تبني استراتيجيات في مجال الطاقة المتجددة، وتعزيز كفاءة الموارد، وتطوير مشاريع الاستدامة يمكن أن يسهم في حماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة.

تعزيز العطاء والتضامن من خلال إنشاء منصات مجتمعية مشابهة لمنصة "جود" في الإمارات يمكن أن يعزز من ثقافة المشاركة المجتمعية ويساهم في التنمية المستدامة. كذلك، تحسين العلاقات الاقتصادية الدولية من خلال توقيع الاتفاقيات التجارية وتطوير استراتيجيات التعاون يمكن أن يعزز النمو الاقتصادي ويحقق الاستقرار.

في الختام، تحتاج الأردن إلى تبني رؤية جريئة تتماشى مع النجاحات التي حققتها الدول المتقدمة مثل الإمارات. وضع الابتكار والتكنولوجيا في صميم الإصلاحات، واستفادة من التجارب الناجحة، سيمكن الأردن من تحقيق الازدهار ومواكبة التحولات العالمية بثقة. لتحقيق النجاح في المستقبل، يجب أن يتمتع الأردن بالقدرة على التحرك بجرأة اليوم لضمان تحقيق أهدافه غدًا.

* مدرب في الاتصالات والتواصل الإداري الرشيق