هل تنجح حكومة حسّان في كسر قيود الدين والبطالة؟
أ.د تركي الفواز
19-09-2024 01:50 PM
تواجه حكومة الدكتور جعفر حسّان مجموعة من التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تتطلب سياسات اقتصادية وإصلاحات هيكلية عاجلة لمواجهة الضغوط المالية والاجتماعية، في هذا السياق تُعد إدارة الدين العام المرتفع ومعدلات البطالة المرتفعة، من بين القضايا الرئيسية التي تحتاج إلى معالجات فورية، ومع أن هذه التحديات قد تبدو معقدة وصعبة، إلا أن تبني سياسات اقتصادية مبتكرة وفعّالة يمكن أن يسهم في تحويل الأزمات إلى فرص للنمو والتنمية.
في هذا المقال، سنسلط الضوء على هذه التحديات الرئيسية، منها ارتفاع الدين العام ومعدلات البطالة المرتفعة، حيث يشكل الدين العام عبئًا كبيرًا على الميزانية العامة للدولة، حيث وصلت نسبته إلى 115% من الناتج المحلي الإجمالي.
يترتب على ذلك أن الاردن تتحمل أعباء كبيرة لسداد فوائد الدين، مما يقلل من الموارد المتاحة لتمويل المشروعات التنموية والخدمات الأساسية، هذا الامر قد يؤدي إلى تعثر الاستثمارات ،سيؤثر سلبًا على القدرة على تحسين البنية التحتية وتطوير القطاعات الإنتاجية الحيوية، مما يشكل ضغوط مالية متزايدة، ايضاً ارتفاع الدين العام يشكل تهديدًا على التصنيف الائتماني للدولة، تراجع التصنيف الائتماني قد يرفع كلفة الاقتراض في المستقبل، مما يزيد من الأعباء المالية ويحد من قدرة الدولة على الاستدانة لتمويل المشاريع الضرورية أو مواجهة الأزمات الاقتصادية الطارئة.
في ظل هذا الدين المرتفع، تواجه الحكومة تحدي الحفاظ على الاستقرار المالي من خلال السيطرة على العجز المالي والتأكد من أن الدين العام لا يستمر في النمو، ولتحقيق ذلك تحتاج الحكومة إلى اتباع سياسة مالية أكثر انضباطًا، تتضمن ضبط النفقات، كخفض الإنفاق الحكومي غير الضروري والتركيز على المشاريع الاستثمارية التي تساهم في زيادة الإنتاجية والنمو، تحسين الإيرادات الحكومية، وتبني إصلاحات هيكلية تستهدف تقليل الهدر المالي وتحسين كفاءة استخدام الموارد العامة، ومن الحلول ايضاً الممكنة هو تعزيز الإيرادات العامة من خلال تحسين النظام الضريبي وتوسيع القاعدة الضريبية، بحيث تشمل شرائح أكبر من السكان والشركات، كذلك، يمكن تحسين آليات تحصيل الضرائب لمكافحة التهرب الضريبي، مما يزيد من دخل الدولة دون الحاجة إلى رفع الضرائب، بالإضافة إلى ذلك، يجب البحث عن مصادر جديدة للإيرادات، مثل تحسين استغلال الموارد الطبيعية أو الاستثمار في قطاعات غير تقليدية مثل التكنولوجيا والطاقة المتجددة.
ومن التحديات الاقتصادية الاخرى وجود معدلات البطالة المرتفعة،التي تجاوزت 21%، وهو معدل يشير إلى مشكلة هيكلية في سوق العمل، فالبطالة المرتفعة لا تؤثر فقط على الأفراد والأسر، بل تؤدي أيضًا إلى تراجع الاستهلاك المحلي، مما يضعف الدورة الاقتصادية ويحد من النمو، ان ارتفاع نسبة البطالة إلى هذا المستوى يعني وجود شريحة كبيرة من السكان خارج سوق العمل، مما يزيد من الضغوط الاجتماعية ويفاقم الفقر،البطالة تؤثر سلبًا على الاستهلاك المحلي والاستقرار الاجتماعي،نستطيع ان نضيف الى ذلك ان نسب البطالة العالية، خاصة بين الشباب، تؤدي إلى خسارة في رأس المال البشري وتعطل الإمكانيات الإنتاجية للبلاد، وهذا يتطلب خلق فرص عمل جديدة عبر تحفيز ريادة الأعمال ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة عبر تقديم تسهيلات تمويلية وتشريعية لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعتبر محركًا رئيسيًا لخلق فرص العمل،، ومن من الضروري التركيز على القطاعات التي تمتلك إمكانيات نمو عالية، مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والسياحة، والصناعات التحويلية،التي يمكن أن تساعد في خلق وظائف جديدة وتقليل من معدلات البطالة المرتفعة، و إطلاق مبادرات لتأهيل الشباب وتزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل المتغير، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والابتكار.
اختم مقالتي بان حكومة الدكتور جعفر حسّان تواجه تحديات اقتصادية ليست بسيطة، بل تتطلب إدارة حكيمة وشجاعة لتحقيق الاستقرار المالي والاجتماعي، إن تحقيق التوازن بين خفض الدين العام والحد من معدلات البطالة يستلزم سياسات إصلاحية جريئة ومبتكرة، تبني حلول طويلة الأمد، مثل تحسين كفاءة الإنفاق العام، توسيع قاعدة الإيرادات، ودعم ريادة الأعمال، هو السبيل نحو تعزيز الاقتصاد الأردني وتهيئة بيئة مواتية للنمو الاقتصادي، وبالرغم من صعوبة هذه التحديات، إلا أن تضافر الجهود وتبني رؤية اقتصادية واضحة يمكن أن يمهد الطريق نحو تحقيق مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا للأردن.