هل تنجح الحكومة الجديدة في مسؤولياتها القادمة !
فيصل تايه
19-09-2024 12:41 PM
بعد مخاض اخذ بعده المنتظر تشكلت الحكومة وادت اليمين الدستورية وحازت على الثقة الملكية السامية ، اذ من الملاحظ ان ما أخرجته المشاورات الموسعة من أسماء مرتقبه كانت بالاستناد الى التوقعات التي رجحت ان اعضاء الحكومة قد يكون أغلبهم من خبراء "التكنوقراط" لمواصلة برامج التَّحديث الوطنية والمهمة التَّحديثيَّة التي ستتولَّاها الحكومة بالنظر الى مضامين وثيقة تحديث المنظومة الاقتصادية ، مما يكرس القناعة بأولويات هذه الحكومة الاقتصادية.
ان المؤشرات تقود للرضا والإقتناع بعدالة التوزيع والإختيار على أسس قوامها "العزم والنية الصادقة" للعمل بموجب نصوص كتاب التكليف السامي الذي سيكون برنامج عمل شامل ومتكامل للحكومة، للعمل على تنفيذ كلِّ ما ورد فيه للبناء على ما أُنجز من برامج ومشاريع أساسيَّة في مسار التَّحديث الشَّامل، مع التَّركيز على سرعة الإنجاز ، والعمل على إيجاد حلول من شأنها معالجة الشأن العالق اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا .
ولا يمكن باي حال من الأحوال الحكم الآن على طبيعة هذه التشكيلة الوزارية تبعا للتوقعات او نسبة الرضا العام او التكهنات بطول امدها او قصره ، وحتى لو ان آراء البعض لم تكن لصالح التشكيلة ، بل بابراز المثالب والتحفظات الكثيرة التي جاءت بها الحكومة المشكلة ، فنحن نعلم ان الناس بمختلف فئاتهم لديهم شعور عام بأن الحكومات مهما تغيرت والأسماء مهما تبدلت أو تكررت فلن يتغير شيئا طالما لم يتغير النهج ويتبدل ما في النفوس التي يتولى أصحابها إدارة البلاد.
ان هذه التشكيلة وان راقت ام لم ترق للبعض فقد حازت على ثقة سيد البلاد ، لكن انا اقول ان هذه الحكومة يمكن ان تجعل رجوح الكفة بالغالب لصالحها ، ولن تكتسب ثقة الشعب إلا إذا لمس الناس جديتها وصدقها بالعمل على أولوية احترام عقل المواطن ورفع مستوى معيشته من خلال حلول إقتصادية، وجعل مصلحة الوطن والمواطن الهم الأول ومحاربة كل من يحاول الإساءة للوطن وجعل أولى القواعد التخفيف على المواطن وليس ابتكار الأساليب التي تقضم ما بجيبه .
يجب ان نعي تماما ان تشكيل هذه الحكومة يأتى فى ظل تحديات جسيمة تواجهها الدولة الأردنية ،اهمها البيئة الإقليميَّة والدوليَّة الصَّعبة والمعقَّدة، والتي عصفت بالمنطقة والعالم طيلة السنوات الماضية، ما تتطلب معالجات ناجعة ، وتبنى سياسات تنمية وطنية لتحقيق مصلحة المواطن ، فالمرحلة الحالية و التحديات المستقبلية تتطلب من دولة رئيس الوزراء التركيز على تحقيق نقلة تنموية حقيقة على كافة المجالات والأصعدة ، وهذه النقلة المنشودة لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال رؤية بعيدة المدى وتعريف هويتها و أبعادها من خلال مدد منيه محدده وبرامج عمل واضحة المعالم والأهداف بما يناسب الهوية والإمكانيات والطاقات الوطنية لمقابلة المستقبل متمنين أن تسهم خطة عمل الحكومة في الإسراع في بلورة التصورات وإيجاد الإدارة التنفيذية لتنفيذ برنامج عملها .
أن مسيرة العمل الجاد و المثمر تتطلب التعاون البناء من كلا السلطتين التنفيذية و التشريعية ، بعيدا عن صراعات المصالح الضيقة و المجاملات و تتطلب أيضا العمل ضمن إطار الدستور و القانون وتبادل الثقة والشفافية لمواجهة متطلبات التنمية و احتياجات المرحلة الحالية و القادمة لاستشراف المستقبل والاستعداد له ، وبايمان كامل ومطلق بان تجاوز أسباب و ظروف التراجع والجمود الذي سيطر على عمل الحكومات في الفترة الماضية ، والذي لا يتم إلا من خلال تبني سياسة واضحة و موقف ثابت لا يتغير و لا يؤثر فيها أي نوع من أنواع الضغط السياسي والاقتصادي والمصالح الشخصية الضيقة ، فالأخطاء و التجارب السلبية التي وقعت فيها الحكومات السابقة وبعض الممارسات ينبغي اخذ العبرة منها و التعلم و الاستفادة من مزاياها وعيوبها.
ان المرحلة المقبلة تحتاح الى إحكام العمل الرقابي ودور مجلس الامة بشقيه "الاعيان والنواب" وفقا لما تقتضيه المصلحة الوطنية وبيد ممدوه للحكومة من اجل بناء المستقبل ومن اجل تحقيق الآمال و الطموحات الشعبية و ترجمة التطلعات و التوجهات التي كررها مرارا حضرة صاحب الجلالة بالنطق السامي لجلالته لكتاب التكليف السامي وما حمله من رؤى و تطلعات لمستقبل مشرق واعد ، كما انه لابد من ترجمة هذا النطق السامي بخطة تنموية شاملة ترتكز على دولة القانون و مؤسساته الدستورية و تحمل رؤية مستقبلية للدولة و المجتمع ، مبنية بشكل حقيقي و واقعي يقوم على مفهوم مشروع الدولة الحضارية وان تنتهج الحكومة سياسة المحاسبة و الرقابة على عمل أعضاء الحكومة و تقييم الأداء بشفافية و موضوعية و حيادية كاملة لاشك أن ذلك سوف يكون دافعا قويا نحو انتشال المجتمع و الدولة من حالة التردي و التراجع و الجمود .
اننا ندعو حكومة دوله الدكتور جعفر حسان وفريقه الوزاري خاصة من هم قائمون على الوزارات ذات الوزن الفاعل والمؤثر والتي ترسم ملامح المرحلة القادمة ويتشكل منها الفريق صاحب القرارات الإستراتيجية إلى التجاوب مع الاستحقاقات المصيرية التي تقتضيها المرحلة الحالية بما يحقق رفاه المجتمع واستدامة الدولة ومتانة اقتصادها ، وهذا يحتاج بالضرورة ان تبقى بوابة التعاون مع الحكومة تكمن في مدى احترامها لدور المجلس التشريعي وأدواته الدستورية والرقابية وتقديم برنامج عمل حقيقي والتعاون في ملف الإصلاحات السياسية المستحقة، والانسجام الكامل مع المتطلبات التنموية، وهذه الأمور تشكل شروطاً أساسية لا مجال للتهاون فيها أو التنازل عنها وهي حجر زاوية في العلاقة معها، وضمانة أساسية لاستمرار التعاون والإنجاز .
اننا ندعو دولة رئيس الوزراء والأخوة الوزراء إلى إثبات جديتهم في النهوض بالمسؤوليات الكبيرة التي تفرضها المرحلة الراهنة، والعمل على كسب ثقة مجلس الامة والشارع ، وبلوغ الاستقرار الذي يطمح له جميع أبناء الاردن .
والله ولي التوفيق