سمعنا بعد أداء القسم نهج جديد في العمل الإداري للحكومة، إذ أن دولة الرئيس طالب الوزراء بالعمل الميداني ولقاءات في المحافظات وخلوة للأمناء العامين، وعملية مراجعة وتقييم مستمرين، واستنادا لكتاب التكليف السامي الذي تضمن تحديد الأهداف الموكولة لكل وزارة وبشكل قابل للقياس فسيكون هناك أهداف للأربع سنوات القادمة قابلة للقياس خلال انعقاد مجلس النواب العشرين، وهذا ما انعكس على الخطاب الذي كان صارما في حديث دولة الرئيس مع الوزراء في اجتماعهم الأول بعد أداء القسم، فتكثيف الوجود الميداني الذي ورد في كتاب التكليف قوبل ببرمجة اجتماعات ميدانية للوزراء والأمناء العامين.

وتطوير المدينة الإدارية للتخفيف عن مدينتي عمان والزرقاء سيكون له اجندة في الحكومة الجديدة ما استدعى وجود وزير إدارة محلية مخضرم كان وزيرًا للأشغال هو المهندس وليد المصري، وما انطوى عليه الطلب في كتاب التكليف من الحكومة بزيادة الرقعة الخضراء وزيادة مساحة الحدائق أعاد إلى الساحة الوزير خالد حنيفات الذي كان أداؤه متميزًا خلال حكومتي الدكتور الملقي والدكتور الخصاونة إذ كان أداؤه لافتًا، والاهتمام بالتعليم المهني والتعليم العالي أعاد الوزير المحافظة الذي وضع الخطوط العريضة لدمج الوزارتين ووضع أسس طويلة الأمد لمستقبل التعليم في الأردن.

وقد طالب جلالة الملك الحكومة الجديدة بالاستعداد لتنفيذ الناقل الوطني للمياه مما يجعل هذه الحكومة أمام تحدٍ هام لبلد يعاني من فقر المياه أن يبحث عن بدائل متاحة، وعلى الحكومة الحالية برئاسة الدكتور جعفر حسان أن تتلمس البدائل وتبحث عن الحلول بعيدًا عن تجاذبات سياسية تعيق التحديث الإداري والسياسي الذي جاء في كتاب التكليف السامي.

وفيما يتعلق بتحديث الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية وعدم الازدواجية، يستوجب على الحكومة أن تقوم بجهود حثيثة لدعم المرأة والشباب وأصحاب المشاريع الصغيرة والأسر التي تقع حول خط الفقر، وهذا ما استوجب من الحكومة أن تضغ في سلم أولوياتها، وألوياتها محاربة الفقر والبطالة والقيام على تأكيد حضورها من خلال القوانين الناظمة للعمل السياسي، وهذا ما رأيناه في قوانين الانتخابات والأحزاب، ولعل الحكومة الحالية ستتجاوز الإطار التمكيني للمراة والشباب إلى إطار أكثر تقدما فيما يتعلق بوضع المرأة في مراكز متقدمة يمكن أن تسهم من خلالها بحركة الانتاج، وقد كان جهد الوزيرة د وفاء بني مصطفى كبيرا ويحتاج لمزيد من الوقت لاستكمال برامجها ما استدعى دولة الرئيس أن يضمها مرة أخرى للحكومة الحالية.

ولقد وضع كتاب التكليف الحكومة الجديدة في إطار من المساءلة الذاتية حين بين أن الحلول هي الأكثر قابلية للتطبيق لأجل النهوض بالوطن والمواطن، وأن العراقيل والحلول التجزيئية والتبرير تضع الوزير أو المسؤول خارج دائرة الفعل، ويصير لزاما على دولة الرئيس أن يبادر إلى إجراء تغيير في طاقمه الوزاري كلما اقتضى الأمر ذلك.
وسنرى في القادم من الأيام جدية الحكومة في محاربة آفة المخدرات وهذا ما جاء في كتاب التكليف السامي، من خلال نظام حازم يستهدف منعها من الوصول إلى الحدود والعمل على تغليظ العقوبة للمروجين والمدمنين، وأن تقوم المؤسسات المهنية والتربوية على وضع سيناريوهات خاصة لتدريب الأسر على اتباع خطوات قابلة للتطبيق لمحاربة الآفة داخل المجتمع.

وبسبب أداء الجبهة الداخلية والجهد الذي تبذله الدبلوماسية الأردنية فقد تم الابقاء على وزراء سياديين هما وزيرا الداخلية والخارجية ما يعني القبول بالتقييم الذي أفضى إلى نجاح الدبلوماسية الأردنية وتحقيق الاستقرار الذي ينعم به الأردن، وهذه رسالة التقطها دولة الرئيس للاستفادة من الإمكانيات التي توفرت لوزراء في حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة، وهذا تكرر في وزارات التربية والتعليم والتعليم العالي والزراعة والطاقة والأوقاف والتنمية الاجتماعية.

إن اختيار دولة الرئيس جعفر حسان بما يحمل من مؤهلات وخبرات، وبما قدمه في الوظائف التي تقلدها سواء كوزير لأكثر من وزارة، أو كدبلوماسي أو سكرتيرا لجلالة الملك ومستشارا إعلاميا لسمو الأمير الحسن، قد مده بتجربة كبيرة لقيادة السلطة التنفيذية خلف جلالة الملك حفظه الله ورعاه.