ديدن تيار الموالاة المخلص الرئيس هو الدفاع المُستميت عن خيارات جلالة الملك في كل الشؤون المفصلية، وفي مقدمتها اختيار رئيس الحكومة، وترك الرقابة على أعمال الحكومة لصاحب الشأن الدستوري والمؤسسات الرقابية والسلطات الدستورية ومنها مجلس النواب، لا سيّما في ظل الإقرار الشعبي والمعارضة بنزاهة الانتخابات، وصحة اختيار ممثلي الشعب؛ ولعل دقة الظرف وخطورة المرحلة مدعاة للتيقظ والحرص والعقلنة.
جعفر حسّان، خيار جلالة الملك، ويجب أن ندافع عنه حفظاً لوطننا، ونُنجح مهمته ايّاً كان انطباع البعض حياله، والشعبوية الاجتماعية ليست دائماً مفتاح النجاح، والانطباع ذاته أُلصق بعمر الرزّاز ذات يوم، ومع ذلك قدم إنموذجاً طاهراً في نزاهة الحكم، ونكران الذَّات، وإدراك عِظَم المسؤولية، ولعل حسّان يسير بذات الاتجاه بما يُخفّف من أثر القوى الاجتماعية الضاغطة، والمُثقلة بتحدّيات الواسطة والمحسوبية التي أرهقت الدولة ومؤسساتها.
لم التقِ دولة حسّان ولا مرة بشكل مباشر؛ إلّا في معرض زيارات جلالة الملك إلى البادية، ولقاءات الديوان الملكي الهاشمي، ولكنه شخصية مهنية تتقن تنفيذ المهام، وأمتداداتها الخارجية والدولية منضبطة، ويتسم بالحذر ومغادرة الإنطباع المسبق، واهتمامه يقتصر على مضمون الموضوع دون الشخص، ولم يٌسجّل عليه مقارفة الوقيعة والنميمة السياسية، وهذا يكفي لإعطاء الرجل فرصة لتنفيذ برنامجه قبل اختبار الأداء في الأشهر الستة الأولى.
لا استطيع أن أتنبأ بمدى نجاح الرئيس في أداء مهمته، وحجم التحديات التي ستحول بينه وبين تنفيذ مضامين التكليف السامي؛ لكن التحدي الرئيس، والواجب المُطلق يكمن في ضرورة إسناد الحكومة من قبل تيّار الموالاة في مجلس النُّواب، وعدم تركها لمصيرها في مواجهة ضغط المعارضة المُصابة بعارض الزهو من نتائجها الأخيرة في الانتخابات، والتي قد يرافقها إبتزاز نوّاب الموالاة للحكومة لتحقيق مطالب شخصية أو فئوية أو مناطقية.
مهمّة الرئيس الجديد لن تكون سهلة البتّة رغم قناعتي الكبيرة بوطنية ومهنية الفريق الحكومي، ولكن مصالح الوطن العليا تتطلب أن تحترم الموالاة خيارات الملك وتدافع عنها بقوة، والقادم هذه المرّة لن يكون سهلاً، ولن يقتصر على الشأن الداخلي. فالوطني الشريف الصادق المنتمي مٌطالب أن يتجاوز مصالحه الذاتية الضيّقة في ولوج السلطة إلى أفق الوطن الرحب مهما كان هذا التجاوز مرّاً، ومهما كان خيار معارضة الحكومة متاحاً وحرّاً.
قد لا يكون نطقي شعبويّاً، ويعرضني للإدانة النخبوية والشعبية، ولكنه حديث يُلامس مقتضيات مصلحة الوطن العليا في ضرورات التوحد الوطني القسري في هذا الظرف الخطير؛ هكذا تربينا في بيوتنا الغارقة في الطيبة، والولاء للعرش، والانتماء للوطن، وهكذا تعلمنا من مسيرتنا الوطنية العابقة بالأمل، والمترعة بدواعي الحرص على كيان وكينونة الدولة والتراب، أما هويتنا الوطنية الأردنية التي حمل لواءها جلالة الملك، والشهداء، والجيش، والبناة الأوائل؛ فالحكومة مٌلزمة بصيانتها، والشدّ عليها بالنواجذ!.