facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




اقتصاد الإلهام: محرك جديد للنمو


الدكتور فؤاد كريشان
17-09-2024 01:05 PM

يشهد العالم اليوم تحولات اقتصادية غير مسبوقة خاصة في ظل تزايد الاعتماد على التكنولوجيا والابتكار في خلق القيمة. ومع هذا التغيير السريع، يبرزاقتصاد الإلهام "Inspiration Economy" كأحد المفاهيم الجديدة التي تعيد تشكيل كيفية تحقيق النمو الاقتصادي وتوجيه المجتمعات نحو نمو مستدام. يعتمد هذا المفهوم الاقتصادي الجديد ليس فقط على الإنتاج التقليدي للسلع والخدمات، بل أيضًا على القدرة على تحفيز الإبداع، والتأثير العاطفي، والانخراط المجتمعي العميق في حل المشاكل فهو مفهوم تضامني يستند إلى لتأثير الاقتصادي للأفكار على الأفراد والشركات والمجتمع ككل.

يُعنى "اقتصاد الإلهام" بالقدرة على إلهام الأفراد والمجتمعات من خلال الابتكار والتفاعل الإيجابي. وفي هذا النموذج الاقتصادي، تُصبح الأفكار المبدعة والمشاعر الإيجابية أساسًا لتطوير المنتجات والخدمات، حيث يتم التركيز على العلاقات والتجارب المشتركة أكثر من التبادلات التجارية البحتة. وتتمثل قيمة الإلهام في خلق دافع قوي للتغيير والتحول، سواء على المستوى الشخصي أو االمجتمعي، مما يؤدي إلى تحقيق تأثيرات اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد.

لماذا اقتصاد الإلهام مهم؟

مع تزايد العولمة والابتكار التكنولوجي، تواجه المجتمعات تحديات معقدة مثل تغير المناخ، والتفاوت الاجتماعي، وتراجع الثقة في المؤسسات التقليدية. في هذا السياق، يُعتبر الإلهام وسيلة قوية لتحفيز التغيير الإيجابي، سواء كان ذلك من خلال دعم الابتكار في الشركات او الافراد أو تعزيز الشعور بالانتماء المجتمعي. ويدعم هذا النوع من الاقتصاد غير التقليدي على إيجاد مسارات جديدة غير تقليدية أيضا لانه يقوم على معادلة رفع (القدرة - مقابل- الطلب) بدلا من المعادلة المعروفة في الاقتصاد الرأسمالي (العرض – مقابل – الطلب). بالتالي يمنح المؤسسات والمجتمعات والحكومات حلول خارجة عن المألوف بنفس الموارد تقوم على الربط بين الأصول الكامنة في المجتمع، او الطبيعة، او التراث، او الثقافة او غيرها من الممكنات التي لا تكون عادة مستغلة بشكل كافي ومؤثر.

تجارب بعض الدول في تبني اقتصاد الالهام

تعتبر تجارب بعض الدول مثل بوتان وفنلندا ونيوزلندا من أقدم الأمثلة على الاستفادة من ممارسات مشابهًة لاقتصاد الإلهام. فقد طورت الدولة في بوتان مثلا (مؤشر السعادة الوطنيةGNH ) كبديل للمؤشرات الاقتصادية التقليدية مثل الناتج المحلي الإجمالي.

ويركز على الرفاهية والصحة الجسدية و"الروحية" والسعادة لمواطنيها، ودمج العوامل الثقافية والبيئية مع النمو الاقتصادي. ومن من الجدير بالذكر ان مملكة بوتان كانت اوائل الدول في العالم التي اسست وزارة او هيئة للسعادة والتي تاسست عام 2008. كما طورت فنلندا نظامًها التعليمي ليكون مدفوعًا بالإلهام والإبداع والاستقلالية للطلاب والمعلمين. من خلال التركيز على التنمية الشاملة، بما في ذلك الرفاهية العاطفية والمهارات الاجتماعية وهي عناصر أساسية في اقتصاد الإلهام.

اما حكومة نيوزيلندا فقد ابتكرت في العام 2019 "ميزانية الرفاهية"، والتي تعتمد على تحسين الرفاهية بدلاً من مجرد النمو الاقتصادي. وهذا ما وجه الاستثمارات في الصحة النفسية والتعليم والاستدامة البيئية والحد من فقر الأطفال لتعطى الأولوية لتسهم في صناعة مجتمعًا أكثر صحة وإلهامًا وإنتاجية، وقد بدأت بالفعل تحقق هذه البلد فوائد اجتماعية واقتصادية عديدة.

مستقبل اقتصاد الإلهام

في ظل التغيرات السريعة التي يشهدها العالم، يبدو أن اقتصاد الإلهام ليس مجرد اتجاه عابر، بل هو توجه سيستمر في تشكيل الاقتصاديات المستقبلية. يعتمد هذا النموذج الاقتصادي الجديد على الأفكار الإبداعية والتفاعل والاجتماعي، فهو يقوم على تحويل فكرة الاقتصاد والتعامل مع التحديات الاقتصادية كالفقر والبطالة من القاعدة الى القمة من خلال الاستفادة من الموارد الطبيعية والمادية المتاحة الى فرص للابداع، عبر تمكين الفقراء والشباب للمساهمة بالانتاج مما يجعله أكثر قدرة على التكيف مع تحديات المستقبل.

ومن المتوقع أن تستمر الشركات والحكومات في تبني هذا النموذج، ليس فقط لتحقيق النمو الاقتصادي، بل أيضًا لتعزيز الرفاهية المجتمعية وتحقيق التنمية المستدامة. إذ يُعزز اقتصاد الإلهام من قيمة الابتكار ويُشجع على التفكير في الحلول التي تُلهم وتؤثر بشكل إيجابي على حياة الأفراد والمجتمعات.

الخلاصة

في النهاية، يُعتبر اقتصاد الإلهام أحد المفاهيم الاقتصادية الحديثة التي تمثل تحولا جوهريًا في كيفية خلق القيمة الاقتصادية والاجتماعية. من خلال التركيز على الإبداع والانخراط العاطفي، يمكن لهذا الاقتصاد أن يلعب دورًا رئيسيًا في بناء مستقبل أكثر استدامة وابتكارًا. ومع استمرار المجتمعات في تبني الابتكار والإلهام كوسيلة للتنمية، فإن الفرص الاقتصادية والاجتماعية التي يحملها هذا الاقتصاد ستكون هائلة. وفي الختام لابد من توجيه الشكر والتقدير للصديق الدكتور محمد بوحجي مؤسس المعهد الدولي لاقتصاد الالهام على ما قدمه من معلومات و مراجعه للمقال.

* استاذ الاقتصاد المشارك/ الجامعة الاردنية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :