التشكيلة الوزارية الجديدة والحكومة التي نريد
فيصل تايه
17-09-2024 12:05 PM
بدأ العد التنازلي للاعلان رسمياً عن التشكيلة الوزارية المرتقبة لحكومة الدكتور جعفر حسان ، فما هو الا مزيد من التريث لكسب الوقت الكافي لمتابعة إجراء المشاورات خلال الساعات المقبلة لاختيار الفريق الوزاري المناسب وفقا لمتطلبات المرحلة وكما جاء في كتاب التكليف السامي الذي شمل مجمل المسارات الاقتصادية التي تمثل ركيزة أساسية لمواصلة مسيرة التنمية في مختلف القطاعات الاقتصادية والتي تضمن مستقبلاً زاهراً للوطن والمواطن ، فنحن الأن نترقب الاعلان عن التشكيلة الوزارية الجديدة وتسميتها ، وكما تشير كافة الدلائل إلى أنها باتت في طور النضوج وينتظر الإعلان عنها رسمياً ، لتوشح بالارادة الملكية السامية بالموافقة ، وتباشر بتأدية اليمين القانونية أمام جلالة الملك وتكتسب الصفة القانونية الرسمية .
ما ينتظره الوطن والمواطن من التشكيلة الوزارية المطلوبة لحكومة دولة الدكتور جعفر حسان ليس فقط وجوه جديدة "نامقة" وتغيير في الأشخاص ، وضمن ما يكتنفه المشهد العام بل وبالضرورة نحتاج الى تغييرٍ بالسياسات وأسلوب الأداء لأن الوزراء في الحكومات المتعاقبة كانوا مجرد "موظفين" ينفذون تعليمات "الرئيس" ولا يضعون السياسات والاستراتيجيات والإجراءات ويتحملون مسؤوليتها ، فالتغيير في "الاداء" ضمن نهج الحكومة المأمول يتطلب تغييراً جذريا لكي نأتي بأصحاب الرؤى والمبادئ والخبرات والسياسات الذين يقبلون المنصب لأن لديهم برنامجاً واضحاً ضمن رؤية التحديث الاقتصادي التي ارادها جلاله الملك، وتنفيذاً لما جاء في كتاب التكليف السامي كل من موقعه ، هذه الرؤية العابرة للحكومات، والتي تخضع للمتابعة والتقييم المستمرين، من لدن جلالته شخصيا.
ولذا فإن المتوقع أن يكون التشكيل الحكومي القادم تغييرا جوهريا يتطلب تغييرا في السياسات المنتهجة ووجود فريق اقتصادي يملك الخبرات ويؤمن بالشراكة مع القطاع الخاص كونه سيكون العمود الفقري لوضع الحلول المناسبة للتحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، ويحقق الأهداف التي تضمنتها رؤية التحديث وفق برامج تنفيذية واضحة ومعلنة بسقوف زمنية محددة، لإطلاق الإمكانات وتحقيق النمو الشامل المستدام، الذي يكفل مضاعفة الاستثمار وزيادة فرص التشغيل لأبناء الوطن وبناته، ولضمان نوعية حياة أفضل للمواطنين .
ان المواطن الاردني الذي انهكته تحديات الحياة وعانى من تبعتات الظروف المحلية والاقليمية ، يطالب اليوم بأن يكون الاختيار الوزاري المرتقب بداية مرحلة جديدة من تغيير السياسات السابقة والتي تحتاج إلى وجوه جديدة بدلاً من الوجوه التي هرمت وهي تتكرر في نفس المقعد ، فكلما كانت الأسماء المرشحة للحقائب الوزارية ذات تأثير وتتمتع بمصداقية واستقامة كانت أكثر نجاعة في تحقيق الهدف عكس الأسماء المستهلكة ذات التاريخ المعروف ، فالتشكيل الوزاري المنتظر لا بد أن يأخذ مداه الأقصى بالنظر إلى مجمل الظروف ، والاحتياج الماس لخطة جديدة للإنقاذ ، بالاشارة إلى أن كل القرارات والتغييرات السابقة لم تمس جوهر الأزمة المحتدمة ذات الطبيعة المعقدة المتعلقة بطبيعة الوضع الاقتصادي والوضع المعاشي الصعب الذي أدى إلى تفاقم السياسات غير المدروسة والتخبط في إيجاد الحلول الناجعة .
يجب ان يضيق هامش النخبة المرتبطة بالمصالح والمكتسبات الشخصية والمكررة وجوهها ليتسع النطاق لابناء الوطن الغيارى ، فتغيير الأشخاص أو إعادة تدوير النخبة المعروفة المحدودة المرتبطة بالمحسوبية دون النظر إلى كنه فكر الحكومة الديمقراطي ، بتعبيراته الطبقية والمصالحية التي لن يرضى طموح المواطن ، فالناس يطالبون بحكومة تطول العمق وتعيد إحياء الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية وغيرها بعد أن وصلت إلى منحنيات غير متوقعه بسبب السياسات المستهلكة ، اضافة لهيمنة شخصيات اعتدنا رؤيتها ، شخصيات طاعنة وهو ما أدى إلى اهتراء البنية الاقتصادية والاجتماعية واستشراء الفساد ، وهذا بدوره جعل قضية التغيير ماسة وملحة، فإذا لم يأت التغيير من العمق ويستجب للرغبات الوطنية وفق الرؤى التحديثية الجديدة فلن يكون له أي قيمة أو جدوى لأنه لايعدو أن يكون تبادلا للمقاعد يتمخض عن "تكرار مميت" للسياسات نفسها وللأشخاص الذين أوصلوا الوطن إلى لحظة الأزمة.
يجب الاسراع بتطمين المواطن الاردني وتهدئته بعد الهزات التي تعرض لها وما زال يتعرض لها ، ما يتطلب من الحكومة تقديم اجندات وشخصيات تتحلى بالمقبولية من الجميع وبالوطنية والمهنية والكفاءة المطلوبة ، وان كان في ذلك خطوة صحية لوأد الفساد ، فالسياسات التي انتهجت في الحقب السابقة هي التي حملت الوهن والفساد الى تجربتنا الديمقراطية ، آملين ان تظهر كابينة الرئاسة الجديدة منسجمة وقادرة على انهاء مجمل الازمات والحيلولة دون تفاقمها.
اخيرا فقد آن الأوان لاختيار فريق وزاري استثنائي منسجم ومتآلف للعمل يداً بيد لوضع سياسات محورية قائمة على الشفافية والمصداقية والمكاشفة والمصارحة ،وتعزيز الأمن الاجتماعي والاقتصادي أولا ً، وكبح التضخُّم والعجز في ميزان السياسة المالية والنقدية ، وتوفير البيئة الاقتصادية القادرة على الخروج من بوتقة التجاذبات السفسطائية والمعيقات البينية المتراكمة حتى ننال ثقة المواطنين ، بهذا سنكون قد وضعنا أيدينا على الخلل ، وبدأنا نخطو الخطوة الراسخة الثابتة نحو الاصلاح الحقيقي ..
والله ولي التوفيق