دولة الرئيس المكلّف .. معا نحو أردن أقوى ؟!
أ.د. عدنان المساعدة
17-09-2024 01:00 AM
أما وقد استقالت حكومة دولة الدكتور بشر خصاونه التي أدارت خلال اربع سنوات خلت عدة ملفات مهمة جاءت في ظل ظروف وتحديات صعبة، فالملفات هي ذاتها والظروف والتحديات اقتصاديا وسياسيا محليا واقليميا ودوليا هي التي ستحملها حكومة دولة الرئيس المكلف الدكتور جعفر حسان في إقليم ملتهب ضمن ما يتعرض له الأهل في غزة وفلسطين من عدوان وظلم من الاحتلال الاسرائيلي الذي ضرب كل مواثيق القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني عرض الحائط وبهمجية من قتل للأطفال والنساء وعدوان وتدمير للمستشفيات والمدارس لم يشهد له التاريخ مثيلا وسط أنظار وسمع المجتمع الدولي المتفرج.
وليسمح لي يا دولة الرئيس أن أضع على طاولة مكتبكم عدة ملاحظات وأنتم تضطلعون وفريقكم الوزاري بمسؤولية وطنية تاريخية أمام الله والوطن والملك تجعل الأمانة مضاعفة وخصوصا في هذا الظرف الاستثنائي لتتمكن الحكومة من تحقيق ما ورد في كتاب التكليف السامي، والافادة من السلبيات التراكمية واعادة تقييمها وتقويمها وتعزيز الايجابيات التي أثرت اقتصاديا واجتماعيا على مفاصل مهمة في حياة الناس. وهذه الملاحظات تتركز في زوايا مثلث هي الزراعة والتعليم والصحة.
فالاعتماد على الذات في ظل تحديات اقتصادية صعبة حيث أن نسبة النمو الاقتصادي راوحت مكانها منذ سنوات ولم تحقق في أحسن حالاتها أكثر من 2.5% الامر الذي لم يسهم في حل مشكلة البطالة بشكل ملموس فزادت المديونية.. ونحن لا نطالب هذه الحكومة بحلول سحرية وسريعة، ولكن التدرج بمنهجية واضحة واستراتيجية قابلة للتطبيق في محاور الاقتصاد الوطني من زراعة وثروة حيوانية وصناعة من الممكن البناء عليها وتشخيص مواطن الخلل ومعالجتها ماأمكن وهذا ليس بالامر المستحيل اذا توفرت الإرادة القوية والإدارة الحصيفة في إدارة عجلة الإنتاج بفاعلية وعطاء.
لذا فإن مراجعة استراتيجيات قطاع الزراعة ومتابعة رفد المخزون الاستراتيجي الغذائي من الأهمية الأمر الذي يدعو الى استغلال كل بقعة زراعية التي تم هجرها منذ عشرات السنين بسبب السياسات الزراعية الخاطئة التي لم تشجع الناس على الاهتمام بهذا القطاع، وخصوصا الطاقات الشبابية المعطلة التي لم يتم الاستفادة منها للعمل بالقطاع الزراعي، الأمر الذي يوفر فرص العمل لهم من جهة ويزيد الناتج المحلي من جانب آخر، إضافة الى زيادة المخزون الاستراتيجي للسلع المهمة وخصوصا القمح والشعير والحبوب الأخرى وغيرها من محاصيل الخضار والفواكه التي تكفي سوقنا الاردني وتقلّل من نسبة الاستيراد.
وكما تعلم يا دولة الرئيس أن الرقعة الزراعية المستغلة في الأردن ما زالت دون المستوى المطلوب الذي يفي بإحتياجاتنا، حيث أن نسبة الأراضي المستغلة للزراعة ولتربية الحيوانات تشكل 3% من مساحة المملكة 89.342 ألف كيلو متر مربع وتشير الأرقام أن مساحة المحاصيل الحقلية (مثل القمح والشعير وغيرها) تشكل 25.5% من مجموع مساحة الحيازات الزراعية، فيما بلغت المساحة المستخدمة للخضروات والأشجار المثمرة 7.5%و 27.7% على التوالي.
وقد سبق لي ومنذ سنوات ان كتبت عدة مقالات للعودة الى الأرض واستغلالها، ولنجعل من ذلك تطبيقا عمليا لينعكس تسارعا وتنمية على عجلة الانتاج وزيادة السلة الغذائية التي توفر للوطن ولأبنائه الكرامة وتسهم في تحقيق الأمن الغذائي الشامل.
كما أن الاهتمام بالثروة الحيوانية حيث تشكل الثروة الحيوانية جانبا مهما من جوانب الأمن الغذائي التي توفر الدواجن وبيض المائدة واللحوم ومشتقات الالبان وهذه هي الأخرى قد تحقق فرص عمل لكثير من المتعطلين عن العمل في حال ايجاد دعم حقيقي لمربي الثروة الحيوانية الأمر الذي يتطلب أيضا مراجعة السياسات المتعلقة في هذا القطاع الحيوي والهام.
إضافة إلى الاهتمام بالقطاع الصناعي المرتبط بالصناعات الغذائية التي تعتمد على المنتجين الزراعي والحيواني لتكون رافدا لهذ المخزون الاسترتيجي. وهنا لا بد، من مراجعة التشريعات والقوانين التي تحفّز وتعمل على ازالة كل العقبات والتشوهات والروتين أمام هذه الصناعات لتكون منتجا وطنيا بامتياز، سيما وان بلدنا فيها الكفاءات المدربة في مجالات الصناعة المتعددة. ولقطاع الصناعات الدوائية والمستلزمات الطبية دور كبير في رفد الاقتصاد الوطني حيث نجح في توفير حاجة البلد والتصدير والتقليل من نسبة الاستيراد.
والأهتمام بالتعليم النوعي في كافة مراحل التعليم الأساسي والمدرسي والجامعي وتعزيز البنية التحتية في الجامعات ووزارة التربية والتعليم هو استثمار حقيقي لبناء الانسان مما ينعكس على جميع مسارات التمنية في بلدنا. فالمعلم المتميز والطبيب القدير والمهندس المبدع والمهني المحترف لا يكون الا ضمن مخرجات تعليم نوعي.
كما أن تحقيق الأمن الصحي للوطن والمواطن على حد سواء من الأولويات ليكون الوطن معافى وقويا، الأمر الذي يستدعي التوسع ما أمكن في إقامة المستشفيات لاستيعاب هذه الثروة الطبية الحقيقية وتدريبها وتأهيلها التي ستنهض بالرعاية الصحية الأولية والمتقدمة في بلدنا والمحافظة عليها.
وهنا، ينبغي أن نعيد ترتيب أمور الحياة وفهمها على طبيعتها وبساطتها دون تكلف أو تصنع لنعيش واقعنا بعيداعن حضارة المصانعة والتقليد والنمط الاستهلاكي والسعي لتحقيق دولة الانتاج أمرا واقعا، وترشيد الاستهلاك وضبط النفقات على مستوى الفرد والأسرة وكافة المؤسسات، وأن نسعى لتحسين مستقبلنا الامر الذي يدعونا الى وقفة صدق مع النفس، واتباع السلوك السوي، فالحكمة تستدعي ان نعمل وننتج ونتخلص من التبعية وترسيخ الاعتماد على الذات واقعا ونهجا لنكون أكثر قوة وصلابة فهل نحن فاعلون؟ نعم، الوطن أكبر منا جميعا ويستحق التضحية لتبقى أسواره عالية قوية، ومعا يدا بيد نحو أردن أقوى بإذن الله تسانده قيادة هاشمية حكيمة وجيش مصطفوي أبي.