غادر دولة الدكتور بشر هاني الخصاونة الكرسي، ولم يغادر المسؤولية، فليس الذي في زنديه ذُبالة عزم، لا بل هي الوطنية والطاقة المتوقدة.
لم يعمل أي رئيس وزراء أردني في بحبوحة ولا في رغد، منذ ان نشأت الإمارة المجيدة، بل هو يعمل في كمد !!
يتولى الرجلُ الهُمام المسؤولية العامة، بهمة ونية وطنية سليمة، فيكابد ويجاهد -نعم يجاهد-، يحاول ان يقدم ما ينفع الناس ويمكث في الأرض، فتدهمه ظروف تلو ظروف، تجعله يقف على ساق واحدة طيلة الوقت.
وتعالوا نقارن بين رئيس الوزراء الأردني، أي رئيس، حين يتولى المسؤولية وحين يغادرها بعد أربع سنوات، سيكون قد كبر عشر سنوات وأكثر!!
لا اتوخى الدفاع عن أحد، ولا أسعى إلى عذر أحد، فتلك حسابات فنية وطنية لا تنطبق عليها المسطرة الشعبية، التي قوامها
لامية إبن الوردي الجميلة التي جاء فيها:
إن نصف الناس أعداءٌ لِمَن،
ولِيَ الأحكامَ، هذا إن عدل !!
إن فتحة عداد رضى الناس، هي أقل من 50% للحاكم وللمسؤول والوالي، إنْ عدل !!
فقاعدة الحساب أو المحاسبة اليوم، هي ليس ما أنجزه الرئيس، بل ما لم يستطع إنجازه !!
وبكل أمانة أقول، لم تعد المسؤولية العامة امتيازات، ولا عادت هنية، ولا شهية !!
عرفت الدكتور بشر الخصاونة، في مختلف مواقع عمله، وعملت مع دولة بشر الخصاونة وزيرًا، وأخرجني بالتعديل، ويشهد الله أنني عرفته على أعلى درجات الوعي والوطنية والمسؤولية والنزاهة والقوة !!
وليس سرّا أنني من المعجبين به، علمًا انه ليس سهلًا أن يستحوذ أحدٌ على إعجابي.
قلت إنه أخرجني بالتعديل، فلم يمس ذلك نزاهتي، التي اقتضت أن أقول الحق، وأن أكتب رأيي منطلقًا من قاعدة شعبنا الأخلاقية الجميلة: «اللي في الرجال بنعد».
ولما راجعني أصدقائي مستغربين من مدحي للرجل الذي أخرجني بالتعديل، كان ردي: لكن الرجل أدخلني بالتشكيل!!
نعلم كلنا أن ظروف بلادنا السياسية والاقتصادية والأمنية، مرتبطة بما يقع على الإقليم من كوارث وويلات، ويكفي شاهدًا أن سياحتنا، التي هي نفط الأردن، قد تأذت أكبر أذًى من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الفلسطينية المحتلة!!
ظروف الإقليم الخانقة غير المستقرة، تحتاج إلى معجزات، كي يحقق رئيس الوزراء، أهدافه وطموحاته، لكنها لم تقعِد بِشر هاني الخصاونة، ذا الهمة والعزم والقوة، عن العطاء والبذل والوفاء!!