يحلو لي أن اقارن بين انتخابات ٨٩ وانتخابات ٢٤ ، فلطالما ذكر الأردنيون مجلس النواب الحادي عشر الذي انتجته انتخابات ٨٩ وأنه مجلس مميز وان الانتخابات كانت نزيهة وحرة ، وهذا شيء فيه من الصحة الشيء الكثير . وقد سمعت من الراحل مضر بدران ان جلالة الملك الراحل الحسين قال : نريد وضع المغرفة في القِدر لنعرف ما فيه . ان تلك الانتخابات قد جرت والبوصلة متجهة إلى الداخل الأردني حيث كان هناك تذمر من الأداء الحكومي.
اما انتخابات ٢٤ ، فقد تشابهت من حيث وصف كثيرين لها بالنزاهة استدلالا" بالنتائج حيث حصد الاسلاميون على حصة كبيرة واحتفلوا بذلك ، ومن جهة أخرى لم يحالف الحظ رموز معروفة من ذوي الرتب الأمنية او الانتماء لعائلة سياسية وصل أحد أبنائها إلى رئاسة الوزراء ، ناهيك عن نواب مخضرمين ، وشيوخ عشائر معروفين.
لكن يجب أن لا يغيب عن بالنا أن انتخابات ٢٤ جرت على أجواء ملتهبة في فلسطين وعدم استقرار العديد من الدول العربية ، والتوتر بين الشرق والغرب . نعم انتخابات ٢٤ ليست بعيدة عن مجريات المحيط فهي موجهة للخارج حيث أراد الأردن بهذه الانتخابات إرسال رسالة للعالم والمحيط أن الأردن دولة مستقرة وأنه واثق بنفسه وأنه دولة يمكن للأصدقاء الوثوق بها لأن شعبها حر في اختياره وبهذا حصدت الدولة الأردنية شهادة قوة بهذا الانتخابات.
واذا كان الفائزون كثيرين من اسلاميين ويساريين ووطنيين وشباب ونساء وعسكريين سابقين وأكاديميين وقانونيين فإن الفائز الأول فيها جلالة الملك الذي تعهد بضمان التحديث السياسي ونفذ ما وعد ، وكذلك العقل المفكر للدولة الذي لم تسجل عليه أية ملاحظة ظاهرة بدليل هذه النتائج وظهور التلاوين السياسية المختلفة . وما يهمنا نحن المواطنين هو المحافظة على أمننا واستقرارنا وعدم جرنا إلى الخراب والدمار ، فليقل المعارضون كلمتهم تحت القبة وبهذا هم جزء من الدولة ومسؤولون أمامنا نحن الناخبين الذين نتمنى لهم التوفيق ليبقى الأردن متميزا" وأننا بانتظار البرامج الحزبية والحكومية لتشكل مع بعضها لوحة ترفع عنا الغلاء والوباء والمخاطر.