انتهت الانتخابات لاختيار مجلس النواب العشرين في عمر الدولة الأردنية، فاز من فاز، وخسر من خسر، استمعنا لبرامج حزبية مختلفة، وفي نهاية المطاف فاز 13 حزبا سياسيا من اصل 38 حزبا بمقعد نيابي او اكثر، كانت حصة الأسد من نصيب جبهة العمل الإسلامي.
جاءت انتخابات مجلس النواب العشرين كخطوة أولى من خطوات تحديث المنظومة السياسية، والانتخابات التي جرت في العاشر من الشهر الحالي الأولى بعد إجراء تعديلات دستورية وإقرار قانونين جديدين للانتخاب والأحزاب، اذ اعتمد قانون الأحزاب فكرة التدرج في منح الأحزاب حق التواجد تحت القبة، وكانت البداية من خلال منح الاحزاب 41 مقعدا ثم يتوسع الامر في البرلمان القادم الى 50 % ومن ثم في مجلس النواب الثاني والعشرين الى 65 % من عدد المقاعد.
ليس هذا فقط، بل منحت التشريعات الجديدة المرأة والشباب فرصة لوجودهم بشكل أكبر تحت قبة البرلمان، وأكدت الانتخابات من حيث النتائج والشفافية أن الإصلاح السياسي مستمر بقوة، وذلك بعد المشاركة الحزبية الواسعة التي تقوم على برامج أعلنتها الأحزاب وخاضوا بناء عليها الانتخابات، كما ان إجراء الاستحقاق الدستوري جاء ليؤكد للجميع على الالتزام برؤية الدولة الإصلاحية الشاملة، والسير نحو اصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وإدارية وفكرية واسعة.
بعض الاحزاب كانت نتائجها مفاجأة ودون التوقعات، وبعضها خرج من معركة الانتخابات دون مقعد، وربما كان الخاسر الأكبر تيار الاحزاب اليسارية والقومية ووسط اليسار الذين لم يحصلوا على أي مقعد، ويعود السبب الرئيس لخسارته تلك لتشتت اصواته ومشاركته في الانتخابات عبر 3 قوائم عامة وقائمة محلية، ولو حسبنا الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة منفردة فإن التيار ذاك كان يمكنه الحصول على 3 - 5 مقاعد مع الكوتات، فعدد الاصوات التي حصل عليها تناهز الـ70 الف صوت، وهو رقم كان يرشحهم للمنافسة، اذ كانت الانتخابات فرصة مواتية لأولئك وغيرهم للخروج من الرؤية الحزبية الضيقة والذهاب لفكرة التحالفات الحزبية وتوحيد الرؤى.
استعادة ما حصل لا يفيد حاليا، ولكنه ضروري لأي قراءة مستقبلية، كما ان الذهاب من التسليم بما حصل واستخراج العبر والدروس، وانتقاد القانون والمخرجات يدلل على مواصلة السير في الرؤية الضيقة التي يتوجب التخلص منها إذا أراد بعض الخاسرين العودة بقوة للواجهة السياسية.
لسنا بصدد البقاء في دائرة ما قبل يوم الاقتراع، وانما علينا التفكير مليا في اليوم التالي، فالانتخابات انتهت، والمجلس الجديد لديه ملفات إقليمية ومجلية وجب عليه التعامل معها، وربما بداية ذلك هو انتخاب رئيس جديد للمجلس، وإعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية، وإعادة النظر في النظام الداخلي للمجلس وتوسيع الرؤية الإصلاحية في مواد في مواد النظام، وتشكيل كتل المجلس بشكل يتوافق مع الكفاءة والتخصص، ومن ثم مناقشة البيان الوزاري للحكومة سواء اكانت الحكومة الحالية او أي حكومة جديدة، ومن ثم مناقشة الموازنة العامة للدولة، وبعد ذلك الانتقال لمناقشة القضايا الإقليمية الضاغطة واتخاذ موقف نيابي بشأنها.
مقتل المجلس الجديد سيكون دخول اعضائه في مناكفات فيما بينهم، وعدم التشكيك بولاء احد، فالجميع يريد مصلحة الأردن، وعلى الجميع احترام كل الرؤى والأفكار التي تطرح تحت القبة والتعامل معها بالنقاش والحوار، والخروج بمواقف عامة للمجلس تثبيت للناخبين والرأي العام ان المجلس مختلف، وان بداية الطريق لتعزيز رؤى الإصلاح بدأت.
المجلس الجديد سيكون عليه في المقاوم الرئيس إعادة الاعتبار في المؤسسة التشريعية التي اهتزت طوال سنوات مضت، وإعادة الاعتبار للمؤسسة التشريعية لا يمكن ان يحصل الا اذا لمس المواطن ان النواب يناقشون الحكومات في برامجها ويقبلون ويرفضون، ويصوتوا وفق برامجهم وقناعاتهم، وهذا من شأنه ان حصل تعزيز المشاركة لاحقا في الانتخابات وزيادة نسب المقترعين.
الغد