نحن أمام حكومة جديدة سيشكلها الدكتور جعفر حسان الذي مر بتجارب عديدة في المسؤولية اهمها على الاطلاق عمله بالقرب من جلالة الملك مديرا لمكتبه.
عرف حسان وزيرا للتخطيط وكان دائما ما يتجاوز الافكار التقليدية ليطرح افكاراً جديدة، توجها اخيرا بكتاب مهم اسماه «الاقتصاد السياسي الاردني، بناء في رحم الازمات» وثق فيه التطورات التي حققها الاقتصاد الاردني في مواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية وحمل في ذات الوقت نقدا تقييميا لكل تجربة مرت بما لها وما عليها.
كاتب هذا العمود عرف الدكتور حسان عن قرب عندما كان وزيرا للتخطيط بحكم العمل، هو من المتحمسين لاتخاذ القرار المناسب واللازم وينبذ التردد ولا يحب تأجيل او ترحيل المشاكل.
جلالة الملك حدد مسبقا المبادئ الاساسية لتوجهات الحكومة المقبلة وان كان اشار الى ما قطعته سابقتها التي قادها الدكتور بشر الخصاونة فهو يقول ان عمل الحكومات تراكمي بالرغم من الملفات الجديدة بمعنى ان امام الحكومة الجديدة مساحة كبيرة للابداع والعمل مع استكمال الملفات والمشاريع التي بدأتها الحكومة السابقة.
تحاط الحكومات في العادة بمحددات عديدة، كتاب التكليف السامي، برلمان جديد ربما سيكون متحفزاً، برنامج متفق عليه مع صندوق النقد الدولي، بطالة ومديونية، وأضيف إلى كل ما سبق تحدي الاقليم المضطرب.
وعلى الحكومة الجديدة أن تعيد ترتيب الأولويات، وأن تضع جدولاً زمنياً للانتقال من إدارة الأزمات إلى إحداث الفعل فيها.
حكومة جديدة تواجه ذات التحديات، متطلبات كثيرة ومال غير متوفر، فالموازنة العامة تشكو من عجز سيتجاوز المقدر بملياري دينار، ومديونية تتصاعد بدون توقف، ونمو اقتصادي لا يلبي الطموح، وبطالة مرتفعة ولجوء سوري ما زال يشكل عبئاً لا يطاق.
ليس مطلوباً من رئيس الحكومة أن يصنع المعجزات، لكن هو مطالب بالعمل والاجتهاد والمتابعة وتحريك عقارب الساعة، كي يحظى بالدعم.
للإنصاف الحكومة التي توشك على الرحيل تحركت باتجاهات تتناسب مع التحديات قبل أن تنهال المفاجآت فوق رأسها حرب في غزة وتوتر متصاعد في المنطقة.
على الحكومة الجديدة ان تتجاوز الوقوع في فخ ادارة الازمة إلى التخطيط والفعل فكما بدا في رسالة الملك للحكومة في كتاب التكليف ان هناك ملفات كثيرة رتبت بشكل متناسق وكل منها يحتاج الى عمل دولة وليس عمل حكومة.
اعيد هنا طرح ذات السؤال الذي طرحه الدكتور جعفر حسان في كتابه «الدروس المستفادة من الماضي في مواجهة تحدّيات الحاضر، وما يمكن تحقيقه في المرحلة المقبلة في ظلّ مخاطر «السير على الحافة». فقد نشأ الاقتصاد الأردني في رحمِ الأزمات التي لا تنتهي. والسؤال هنا: كيف نمضي للأمام؟
الراي