كان الثاني عشر من ربيع الأول يوم الله العظيم في الأرض، حيث ولد الرسول الأعظم الذي أراده الله تعالى أن يكون رحمة للعالمين ورائد ثورة على الطاغوت وتأسيس للمساواة بين البشر لا سيد ولا عبد، وجاءت ولادة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم شرارة أولى لتحرير العرب من التبعية والظلام والتناحر، وخلق منهم أمة كانت الأساس لشعلة الإسلام التي أضاءت الدنيا، فمن كان يظن أنه من قلب صحراء مظلمة بالجهل والضلالة والتخلف، يخيم عليها الكفر بظلاله السوداء أن يخرج منها رجل يدعو إلى الإيمان بالواحد الأحد ويسطع نور دعوته على كل الأرض.
من كان يظن أن أجلاف الصحراء الذين يغرقون في التخلف والاقتتال أن يصبحوا حملة مشاعر السلام والتآخي إلى العالم كله، لقد تجلت عظمة الله في خلق نبينا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم وفي بعثه.. وفي رحاب ذكرى مولده العظيم تتواثب الأفكار والمعاني إلى الحد الذي يجعل تدفقها على الفكر والقلم أن يحتار الفرد إلى أي معنى يشير، إلى عظمة الخلق أم إلى صلابة الموقف أم إلى عبقرية صنع الرجال، أم إلى عبقرية القيادة والدعوة، لقد سطر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الملاحم الرسالية والتاريخية والبشرية وغير مجرى التاريخ ووجه الزمان، وحده نزل من الجبل وهو يحمل ثقل الرسالة ورهبتها، نزل إلى قوم قلوبهم أقسى من الصخر الأسود، وعقولهم كانت أخف وزنًا من رمال مكة في يوم عاصف، يعتزون بكفرهم وعبادتهم للطاغوت ويمارسون حياتهم ضد طبيعة البشر، وواجههم الرسول الأعظم مع ثلة من رجال صدقوه وآمنوا به، لا ظهر لهم ولا مجير إلا إيمانهم بالله.
في كل مفصل من حياة الرسول صلى الله عليهم وسلم منذ ولادته إلى بعثه وحرب الكفر له إلى الهجرة إلى المدينة المنورة حيث أقام دولة الإسلام والنور هناك إلى رحيله عليه الصلاة والسلام تثبت كل هذه المراحل عظمة الله في خلق محمد وبعثه رسولًا ونبيًا وأمينًا على رسالته.
الحديث في محراب ذكرى مولد الرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يطول ويتنوع ويتشعب، فكل قصة الإسلام وقصة نبيه، قصة عظيمة حيث وضع الله عز وجل عظمته في الرسالة والأمين عليها، وبالتالي في الأمة التي نزلت عليها الرسالة، فالعتمة لن تدوم والهزيمة لن .تبقى، فسيغلب العلم الجهل وسيغلب النور الظلمة وسيهزم الصدق الكذب والإخلاص الخيانة وستكون النهاية كما كانت البداية...