هجرة العقول .. كيف يواجه القطاع العام التحديات؟
الدكتورة ميرفت مهيرات
15-09-2024 05:52 PM
في عالم اليوم، تشكل هجرة الكفاءات واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الحكومات، خاصة في الدول النامية. تخيل أن العقول اللامعة التي يمكن أن تطور التعليم، الصحة، والاقتصاد تغادر للعمل في الخارج أو في القطاع الخاص، تاركة وراءها فجوة يصعب ملؤها. في دول مثل مصر والهند، حوالي 10% من الخريجين الموهوبين يغادرون البلاد سنويًا بحثًا عن فرص أفضل. فكيف يمكن للقطاع العام مواجهة هذا النزيف البشري؟
الأسباب متعددة، لكن القاسم المشترك هو عدم التوازن بين متطلبات الكفاءات وما يقدمه القطاع العام. تدني الرواتب، ضعف بيئة العمل، وقلة فرص التطوير هي بعض الأسباب الرئيسية التي تدفع الشباب إلى الهجرة. في لبنان، تشير الأرقام إلى أن 45% من الكفاءات تغادر القطاع العام، مما يؤثر بشكل مباشر على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
في الأردن، يدرك جلالة الملك عبد الله الثاني حجم هذه التحديات، ولهذا جاءت توجيهاته لتطوير القطاع العام كخطوة حاسمة نحو الحفاظ على العقول الوطنية. في خطاباته، أشار الملك إلى ضرورة تحويل القطاع العام إلى بيئة جاذبة للكفاءات من خلال تحسين الرواتب وتوفير حوافز مغرية تجعل العمل الحكومي خياراً تنافسياً. الملك أيضاً شدد على أهمية التدريب المستمر لرفع كفاءة الموظفين وجعلهم أكثر استعداداً لمواجهة التحديات.
ولنا أن نلقي نظرة على تجربة سنغافورة، التي تمكنت من تقليص هجرة العقول بنسبة 30% خلال خمس سنوات فقط بفضل استثمارات كبيرة في التدريب وتحسين بيئة العمل. الأردن يسير في اتجاه مشابه بتوجيهات الملك، حيث تتضمن خطط الإصلاح تحسين بيئة العمل الحكومي ليكون جاذباً للكفاءات.
إذاً، الحلول موجودة، ومع الإرادة السياسية والتوجيهات الحكيمة، يمكن أن يصبح القطاع العام حاضناً للابتكار والعقول اللامعة، مما يدفع عجلة التنمية المستدامة للأمام