ورق المصالحة في وجه إسرائيل
ممدوح ابودلهوم
14-05-2011 03:35 PM
[خطوة المصالحة كقسطرة جراحية أزالت بمهارة استثنائية فاقت الوصف ، ورم الانقسام من الجسد الفلسطيني الذي ظل سنين عدداً ، يئن قلبهُ وجعاً من شريانيه الرئيسين الضفة والقطاع ، ويتداعى له حٌمىً وسهراً باقي شرايينه في أمصار الشتات ، وذلك على أيدي نطاسيّ فتح وحماس بإشراف من الأطباء المخلصين ، في مصر الجديدة التي عادت إلى هويتها القومية ودور الشقيقة الكبرى منذ 25 يناير الباسلة ..
خطوة المصالحة هذه على ضرورتها بالمطلق وأهميتها المفصلية بغير تحليل ، كمبتدأ لازم لابد منه في تشكيل خبر جملة الدولة الفلسطينية المستقلة ، يبقى في قراءة مجرد نيزك جميل يدور في فلك الرومانس الفلسطيني ، وفي قراءة أخرى مجرد تدبيجٍ سياسي في باب الوحدة الوطنية في كتاب السيرة الفلسطينية ، إلا أن يأخذها وبقوة الرئيس عباس إلى طاولة المفاوضات كممثل لجميع الإصطفافات الفلسطينية وأهمها فتح وحماس ، كورقة ضغط في وجه إسرائيل لعلها الأقوى منذ أوسلو 93 حتى تاريخه ، أمام المجتمع الدولي بدءاً بواشنطن والرباعية والأمم المتحدة بدعم من دول الإعتدال العربي – كبديلٍ لقمة لن تكون !
السذاجة حتى لا أقول الغباء السياسي هي الصفة الوحيدة ، التي تناسب ما ذهبت إليه مؤخراً أراء بعض المحللين ، الذين وضعوا أيديهم على قلوبهم وذهبوا مذهباً عجيباًً بإزاء تلويح نتنياهو ، بوقف المفاوضات ( وما ندري عن أي مفاوضات يتحدث ؟) ، إلا إذا تراجعت السلطة / فتح عن المصالحة مع غزة / حماس ، واستبدالها بخيار العقوبات ما نموذجه الأهم هو وقف تحويل العائدات الضريبية للسلطة ، بمعنى التجميد التام لبناء المؤسسات الفلسطينية وإجهاض مشروع فياض التنموي من جذوره ، فضلاً عن تحشيد المجتمع الدولي والمعنيين بهمذانية حل الدولتين وفي مقدمتهم السيدة واشنطن دي سي !
غير أن الخيار النتنياهوي بقضه وقضيضه هو النقيض تماماً ، للفريضة الغائبة وقد باتت حقيقة ضاربة وأعني حقيقة المصالحة الفلسطينية ، كورقة ضغط مدججة بكل مكنزمات المناورة فالنجاح المرتجى في نهاية المطاف ، إذ ستقلب أولاً الطاولة على خيار تل أبيب النتياهوي المتهافت بروافعه السياسية المتآكلة ، وتهدم عليه ثانياً ، خسارةً وفشلاً أو تراجعاً وربما استقالةً ، معبدهُ العنصري الذي يصلي فيه صلاة الصلف ويقرأ فيه مزامير التعنت ..
تطبيق نظرية خيار المصالحة مع هضم حيثياتها نحو تبنيها كشرط لازم ، يكاد يكون الوحيد رفضهُ نقطة وسطٌ بين التيه / الفراغ والخسارة / الخراب ، يجب أن يكون المقدمة الأولى بل والأخيرة أيضاً لحل الدولتين والسلام بالتالي بين فلسطين وإسرائيل ، ذلك أن الخيار البديل والباقي طوع بنان حماس والفصائل الأخرى هو خيار الكفاح المسلح أو المقاومة ، فإذا كانت إسرائل التي تدعي الديموقراطية وتنادي بها (!) ومفتاحها السلام مع جوارها العربي وأولاً الفلسطيني ، تريد حقاً هذا السلام المنشود وتسعى لحل الدولتين بإقامة دولة فلسطين القابلة للحياة على حدود ال1967 إلى جانب دولة إسرائيل ، فعليها التأييد والترحيب بل والدعم أيضاً لخيار المصالحة بديلاً لخيار المقاومة / الكفاح المسلح ، والذي تعي جيداً أكثر من غيرها عواقبه الوخيمة على الإسرائليين قبل الفلسطينيين بل ودول الإقليم بالمجمل ..]