سيناريو "عالم ينعدم فيه القانون" هو تحذير من المخاطر التي قد تواجه البشرية إذا تم تجاهل الأطر القانونية التي تحمي المجتمعات. في عالم متخيل كهذا، تنهار الحكومات، وتتفكك المجتمعات، وتنتشر الفوضى والجريمة في ظل غياب القوانين المنظمة. هذا السيناريو المستوحى من تحذيرات الاتحاد الأوروبي حول المخاطر المستقبلية "تقرير استشرافي مع سيناريوهات" يعكس كيف يمكن أن يؤثر غياب القانون على كل جانب من جوانب الحياة.
تبدأ الجريمة في الانتشار بشكل مخيف، حيث تستغل العصابات المنظمة والجماعات المسلحة الفراغ الأمني لتسيطر على المدن وتفرض قوانينها الخاصة. مثال على هذا السيناريو يمكن رؤيته في مدن مثل كاراكاس في فنزويلا، حيث أدت الأزمة الاقتصادية إلى سيطرة العصابات على أحياء كاملة. كذلك، يمكن تشبيه الحالة بليبيا بعد انهيار النظام، حيث تحولت بعض المناطق إلى معاقل للجماعات المسلحة التي تدير عمليات الاتجار بالبشر.
على المستوى الاقتصادي والسياسي، يشهد العالم انهيارًا تدريجيًا مع تزايد الفقر وتفاقم الفجوة بين الأغنياء والفقراء، مما يؤدي إلى حكومات غير مستقرة تدار من قبل زعماء العصابات أو الشركات الكبرى، كما حدث في الصومال حيث سيطرت الميليشيات المسلحة على البلاد بعد الحروب الأهلية.
تبدأ المؤسسات الدولية أيضًا في التفكك، حيث تفقد الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية سلطتها، وتتحول التحالفات العسكرية إلى أدوات قمع واستغلال. يمكن ملاحظة هذا الاتجاه في مناطق الصراع في الشرق الأوسط، حيث تتداخل المصالح العسكرية مع الصراعات السياسية، مما يؤدي إلى استمرار الأزمات.
وفي ظل غياب القوانين التي تحمي البيئة، تتحول الموارد الطبيعية إلى ساحة صراع بين الحكومات الضعيفة والجماعات الإجرامية. مثال على ذلك هو الأمازون، حيث تتعرض الغابات المطيرة لعمليات إزالة واسعة بسبب النشاطات غير القانونية.
في هذا العالم، تنهار القيم الاجتماعية وتفقد مؤسسات العدالة مثل المحاكم والشرطة سلطتها. يصبح البقاء للأقوى هو القانون السائد، وتنتشر العصابات التي تفرض سيطرتها على المجتمعات المحلية. مشهد مشابه يمكن رؤيته في أفغانستان، حيث تسيطر طالبان على مناطق واسعة بعد انهيار النظام المركزي.
رغم هذا السيناريو الكئيب، يبقى الأمل في المستقبل. فهل يمكن للبشرية أن تتعلم من هذا السيناريو المتخيل وتعيد بناء النظام العالمي على أسس أكثر عدالة واستدامة؟ أم أن الفوضى ستبقى هي القانون الجديد الذي يحكم العالم؟.
هذا السيناريو يقدم تحذيرًا جديًا من مخاطر تجاهل القوانين والنظام في المجتمع، ويشدد على أهمية تعزيز التعاون الدولي لتحقيق الاستقرار والأمان للجميع.
*صالح سليم الحموري/ خبير التدريب والتطوير/ كلية محمد بن راشد للادارة الحكومية