جاوز الظالمون المدى، وأكثر، فلم تترك إسرائيل شكلا من أشكال العنف والظلم وجرائم الحرب والمجاعات، والإبادة، والمخالفات القانونية والإنسانية، إلاّ واقترفتها خلال العام الحالي والماضي، غير مكترثة بنداءات العالم، وصرخات الإنسانية بإصرار حقا حققت به رقما قياسا على المضي بحربها على غزة، وتمضي بها مؤخرا للضفة الغربية.
مجازر يومية، تطال الأطفال والمدنيين ومراكز الإيواء، والعاملين في المؤسسات والمنظمات الإنسانية وأحدثها استهداف أحد موظفي وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» برصاص قناص إسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة، وفي ذلك بطبيعة الحال جريمة أخرى تضاف لجرائم الاحتلال الإسرائيلي والتي على ما يبدو هي مستمرة بجرائمها، ذلك أن لا محاسبة ولا معاقبة دولية تجاه ما تقوم به، ففيما يخص «الأونروا» فقد أزهقت أرواح 220 من موظفيها في قطاع غزة، ما يجعل من إسرائيل ماضية في حربها وإجرامها بدون محاسبة المسؤولين عن جرائمها وإفلاتهم من العقاب.
حقّا لم يعد في جعبة اللغة ما يحكي بشاعة ما تقوم به إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، هي حرب تقف على أعتاب العام زمنيا، والدهر بل وعمر البشرية كاملة في احتساب بشاعة وإجرام ما حدث في غزة من حرب لم تتوقف يوما عن المجازر والإبادة، هو عُمر البشرية عاشته غزة آلاف المرات، بآلاف الأوجاع، وكما هو بائن فهي ماضية بحربها دون أن يغمض لها جفن رأفة، أو إنسانية بما تقوم به من حرب قاربت العام على غزة، ونحو مزيد من الإجرام تمضي بذات النهج في الضفة الغربية المحتلة.
لن نعيد نشر صور أتعبت القلوب أكثر من العيون، ولن نكرر آهات وآلام أهلنا في غزة، ولن تعلو حناجرنا بصرخات وجع على ما نراه ونتابعه من ويلات يقترفها الاحتلال الإسرائيلي على أهلنا في غزة، فبات هذا الواقع مكررا بوجعه ومشاهده، فما يجب القيام به الآن ضرورة وقف التصعيد الخطير الذي تقوم به إسرائيل على أهلنا في غزة، والضفة الغربية المحتلة، والاعتداءات على الأرض الفلسطينية المحتلة، لأن كل ما يحدث ستصل نيرانه للعالم، وسيجر المنطقة إلى تفجّر أوضاع، على المجتمع الدولي، أن يتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، بإجبار إسرائيل على وقف جرائمها المستمرة، والتي تتسع دائرتها يوما بعد يوم، فلا بد من موقف دولي كون إسرائيل لم تعد صوتا أردنيا أو فلسطينيا أو عربيا، وفي بقاء الحال على ما هو عليه، نتائج وخيمة على المنطقة والعالم.
لا مجال للاختيار، ولا للبحث عن حلول ورؤى لما يمر به أهلنا في غزة، والضفة الغربية المحتلة، فما يجب أن يحدث واضحا، جليّا، وبيد المجتمع الدولي الذي يجب أن يلزم إسرائيل بوقف انتهاكاتها المستمرة، وحربها على غزة والتصعيد الخطير في الضفة الغربية، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، والسعي بشكل عملي وحقيقي أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة في عيش آمن كغيره من شعوب هذه المعمورة، وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس المحتلة، دون ذلك سيبقى الحال مقلقا موجعا، خطيرا.
الدستور