نواب الحركة الإسلامية .. بين أعباء الوطن .. وأجندات التنظيم
محمود الدباس - ابو الليث
14-09-2024 02:37 PM
في خضم النقاش حول تمثيل النواب الإسلاميين.. وتحديداً نواب جبهة العمل الإسلامي في البرلمان الأردني.. يبرز التساؤل العميق.. أين يقف هؤلاء النواب بين فكر التنظيم.. وفكر الدولة؟!.. هل ستظل قراراتهم موجهة من القيادة التنظيمية للإخوان المسلمين.. أم أن وجودهم في البرلمان سيساهم في تطوير رؤية أعمق.. وأكثر واقعية لتحديات الدولة الأردنية؟!.
في الانتخابات النيابية الأخيرة.. حقق حزب جبهة العمل الإسلامي نجاحاً ملحوظاً بحصوله على عدد كبير من المقاعد.. مما يعكس قوة التنظيم.. وقدرته على التأثير في الشارع الأردني.. لكن السؤال الذي يطرحه الكثيرون هو.. هل ستُستخدم هذه القوة لتحقيق مصالح تتجاوز حدود الأردن؟!.
بالنظر إلى أن التنظيم يرتبط بشكل عضوي بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين.. فإن القرارات الكبرى.. وخاصة في قضايا محورية مثل القضية الفلسطينية ودور حماس.. قد تكون مستوحاة من توجهات أوسع وأشمل.. قد تتجاوز المصالح الوطنية.
وهنا تكمن أهمية التفكير في كيفية تعامل نواب الحزب مع هذه المعادلة المعقدة.. الأردن يعيش في محيط سياسي واقتصادي ملتهب.. وهو ملتزم باتفاقيات دولية.. ويواجه تحديات داخلية كبيرة.. فهل سيساهم هؤلاء النواب في نقل الصورة الحقيقية لهذه التحديات إلى قيادة الحزب والتنظيم؟!.. أم أنهم سيستغلون منبر البرلمان لرفع سقف الخطابات والتصريحات.. التي قد تزيد من حدة التوترات الداخلية والخارجية؟!.
من الضروري أن يدرك نواب الحركة الإسلامية.. أن الانتقال من فكر التنظيم.. إلى فكر الدولة.. ليس مجرد تغيير في الرؤية السياسية.. بل هو تحول جوهري في الطريقة التي يجب أن يُنظر بها إلى الأمور.
ففي فكر التنظيم.. الأولوية قد تكون للأجندات الأيديولوجية والشعبوية.. لكن في فكر الدولة.. المسؤولية تتطلب التفكير بشكل شامل يأخذ بعين الاعتبار مصلحة الوطن أولاً..
فالدولة لا تستطيع أن تتخذ قرارات بمعزل عن محيطها الإقليمي والدولي.. ولا يمكنها تحمل الأعباء التي تفوق إمكاناتها.. وهذا ما يجب أن يدركه نواب الحركة الإسلامية بوضوح.. وكلنا أمل بان يكونوا على ذلك المستوى الوطني الذي انتخبهم الشارع لأجله.
الرسالة التي يجب أن تصل إليهم واضحة.. المواطن الأردني ينتظر من نوابه أفعالاً واقعية وقابلة للتنفيذ.. وليس مجرد شعارات وجلب للشعبوية.. يحتاج إلى حلول تنعكس إيجابياً على حياته ومستوى معيشته.. ويحتاج أيضاً إلى من يدافع عن حقوقه.. ليس فقط في مواجهة الحكومة في قراراتها الاقتصادية والتشريعية، بل أيضاً في الحفاظ على توازن الهوية الثقافية والمجتمعية التي يتسم بها الأردن.
فالنواب الإسلاميون الآن أمام فرصة ذهبية لإظهار أن وجودهم في البرلمان.. ليس مجرد رقم إضافي.. أو صوت معارض.. بل أداة للتغيير الإيجابي المسؤول.. والذي يراعي المصالح الوطنية قبل كل شيء.