بانتظار توصيات اللجنة الاقتصادية!
حسين الرواشدة
14-05-2011 03:38 AM
في أقل من اسبوعين انتهت لجنة الحوار الاقتصادي من مهماتها، ومن المتوقع غدا ان تشهر توصياتها، فهل كانت هذه المدة القصيرة كافية للتوافق على «وصفات» حقيقية لمواجهة أخطر «ملف» يواجه بلدنا منذ سنوات عديدة، وهل كانت تصورات الحكومة حاضرة بقوة في مداولات اللجنة بحيث تفضي «توصياتها» الى اسناد الخطط الحكومية التي تتوجه الى «حل» عجز الموازنة، حتى لو كان ذلك على حساب المواطنين.
في ضوء بعض التسريبات التي خرجت من اروقة اللجنة، ثمة ما يشير الى ان الخطة الاقتصادية الجديدة ستفتح المجال أمام الحكومة لاتخاذ قرارات «صعبة»، منها ما يتعلق برفع اسعار المشتقات النفطية، ومنها ما يتعلق برفع «تسعيرة» الكهرباء، ومنها ما يتعلق «بابداع» اجراءات لايصال الدعم الى مستحقيه، لا سيما دعم «الخبز» والبنزين والسولار، من خلال «البطاقة» الذكية، او من خلال استخدام الفردي والزوجي لتنظيم حركة «السيارات» وتخفيض استخدام الطاقة.
مشروع «الانقاذ» الاقتصادي لن يختلف كثيرا عن «المشروعات» التي قدمتها الحكومات السابقة، فهو يتوجه الى «سد» عجز الموازنة بمزيد من الضرائب ورفع الاسعار، وهو لا يناقش الاسباب التي أفضت الى هذا العجز ولا يدعو الى محاسبة المسؤولين عنه، وهو يناقش «نتائج» الازمة وتداعياتها وأعراضها، ولا يذهب الى عنوانها الصحيح المتعلق «بالمنهج» الاقتصادي الذي جربناه على مدى السنوات الماضية، وهو لا يعالج «التشوهات» والممارسات والاخطاء التي دفع المواطن ثمنها من «جيبه» بمنطق المكاشفة والمصارحة والمراجعة الحقيقية، وانما بمنطق الاستمرار في الممارسات ذاتها، وبالتالي تحميل المواطن مسؤوليتها ونتائجها ايضا.
كان يمكن للجنة الحوار الاقتصادي ان تسأل عن أموال التخاصية أين ذهبت؟ وكيف أنفقت؟، وعن «صندوق» الاجيال الى أين انتهى؟، وعن «مخصصات» الدعم الاجتماعي التي تبخرت، وعن «عجز» الموازنة الذي تضاعف مرات عديدة في السنوات الخمس الماضية، وعن «شبكة» الفساد التي نهبت اموال البلد، وعن «سياسة» بيع المؤسسات الوطنية التي حرمت الموازنة من مبالغ ضخمة كانت ترفدها، وعن صفقات شراء الديون التي لا يعرف احد تفاصيلها، وعن مجمل القرارات الخاطئة التي كبدت الخزينة مئات الملايين من الدنانير، وكان يمكن ان تفتح «ملفات» كثيرة ما زالت تثير لدى الناس مزيدا من الشائعات حول تراجع اقتصادنا الوطني وعجز موازنتنا والمعونات التي تصلنا وغير ذلك مما يمكن ان يقنع الاردني بأن اي قرارات صعبة قادمة هي اضطرارات من واجبه ان يتحملها، لا مجرد سلسلة اخرى في «مزادات» لن تساهم في تعافي اقتصادنا، بقدر ما تساهم في تكرار تجارب سابقة انتهت - في غياب المساءلة والمحاسبة - الى ما نعاني منه الآن.. ولأجيال - ربما - لم تولد بعد.
من المفارقات ان هذه اللجنة الاقتصادية التي شكلت بسرعة وانتهت من عملها بسرعة، وشهدت بعض الانسحابات من قبل اعضائها، لم تستمع لآراء الناس، ولم تخرج - كما فعلت لجنة الحوار - الى المحافظات لترى واقع المواطنين وتتلمس معاناتهم، وبالتالي فانها تبنت وجهة نظر الحكومة فيما تراه من خطط ومعالجات اقتصادية، اصبحت - للاسف - معروفة وجاهزة، لأن الطرف الذي سيتحملها هو المواطن.. هذا الذي لم يعد لديه ما يدفعه أو يضحي به أو يتحمله من ضرائب وارتفاع اسعار وبطالة وفقر، كما لم يجد من يقنعه بأن كل تضحياته تصب في الاتجاه الصحيح، الاتجاه الذي تقام فيه موازين العدالة والمساواة والمساءلة والمحاسبة، وغير ذلك من مبادىء الادارة التي يبدو أننا لا نتذكرها الا عند الازمات.
(الدستور)