الانتخابات مرآة المجتمع السياسية
علي السنيد
13-09-2024 04:47 PM
أجريت الانتخابات النيابية في جو عام من النزاهة والمصداقية، والانفتاح ، وكان ذلك مرده الى ضمانات ملكية رافقت عملية تحديث المنظومة السياسية والاقتصادية والإدارية في البلاد، وشكلت حماية للعملية الانتخابية، ومخرجاتها ، وطمأنت المجتمع للتعبير عن حرياته .
وتمثل ذلك عملياً بوقوف مؤسسات الدولة على الحياد في المعترك الانتخابي، وترك المجتمع الاردني يعبر عن خياراته، وفق خارطة القوى الحزبية التي تشكلت بعد القوانين الإصلاحية الأخيرة، وفي مرحلة عنوانها ان الدولة ليس لديها تحفظ على احد ما دام يعمل تحت سقف الدستور .
وكان الاقبال على التصويت استقر حول النسب المتعارف عليها سابقاً لأسباب منطقية لها علاقة بتردد الانسان الأردني حيال الحياة العامة في الأردن، وتضاؤل قناعته بالعمل السياسي ، والتفاعل مع انشطته على العموم.
ولان الانتخابات هي مرأة المجتمع السياسية، وتكشف عن مدى تطوره السياسي، ومزاجه العام فقد أظهرت خارطة القوى السياسية الجديدة، والتي شهدت صعود احدى القوى الوطنية على القائمة العامة، وتواضع نتائج عدد من الأحزاب الناشئة، والتي غايرت التوقعات، وهنالك لون سياسي اخفقت قوائمه الانتخابية، ولم تحظ بالدعم الشعبي المطلوب .
وتستطيع كافة القوى الحزبية المشاركة ان تقيم وضعها على ضوء النتائج فصاحب الحضور القوي في العملية الانتخابية، وهو حزب جبهة العمل الإسلامي يمكن له ان يعزز من أدائه البرلماني، ويطور في آليات عمله السياسي، وخطابه التجديدي، واجتراح الحلول الواقعية للازمات التي ستحضر على الساحة المحلية.
وهو لا شك يستشعر حجم المسؤولية الوطنية التي ترتبت على كاهله لأن الثقة الشعبية الممنوحة من قبل مئات الاف الأردنيين ليست شيكاً على بياض، وانما هي أقرب الى اتفاق نوايا مع الناخبين، وستخضع للمزاج الشعبي العام، ومتطلباته الصعبة في الاردن .
والقوى التي جانبت التوقعات في عدد مقاعدها على القائمة العامة، وجلها من الأحزاب التي نشأت مؤخراً فيمكن لها ان تدرس العوامل التي أدت الى انحسار الثقة الشعبية عن مرشحيها على قوائمها الحزبية، وعوامل تطوير هذه الثقة، وعليها اجراء التغيرات المطلوبة وتقديم خيارات مناسبة للناس سواء على صعيد البرامج، او القيادات، وان تتوخى المصداقية والوضوح في خطابها العام، والابتعاد عن مظاهر العمل السياسي، ويمكن الاقتراب اكثر من بساطة الانسان الأردني، ومخاطبته باهتماماته الحقيقية.
والمهم في كل ذلك ان الانتخابات النيابية أجريت وفق قانون، وضمانة ملكية ساهمت في مدى نزاهتها ، وتعبيرها عن خيارات الأردنيين، وما يزال هنالك مرحلتان منه سننتقل بهما الى قوائم حزبية كاملة، وسيؤثر على ذلك مدى نجاح التجربة، وسيبني على كيفية سلوكنا اليوم شكل المستقبل القادم، وهو ما يدعو كل شركاء العمل السياسي الى اتخاذ اقصى درجات المسؤولية الوطنية، وتقديم خطاب سياسي توافقي، وتغليب المصلحة العامة، وان يبقى الهدف متمثلاً بالحفاظ على المكتسبات الوطنية التي تحققت.
وليكن التعاون بين السلطات هاجس الجميع، وان تؤدى عمليات التشريع والرقابة في جو من الارتياح العام، والشحن الإيجابي للمجتمع، وبالابتعاد عن الارتياب، و لنكون عند ثقة القائد وتطلعاته لمستقبل الاردن .