في الأسبوع الماضي تصاعدت وتيرة التحركات الاجتماعية المختلفة حول إنشاء الكلية العسكرية في برقش.
بعض سكان المنطقة وبدعم وتنسيق من أحد النواب قاموا بتنظيم اعتصامين وإصدار بيان تأييدي لإنشاء الكلية وذلك عبر شعارات اجتماعية مختلفة تستند إلى «المصداقية العشائرية والمحلية» وهي شعارات حاولت أن تتحدث باسم كافة العشائر في المنطقة تأييدا للكلية. بالطبع توجد وجهات نظر مختلفة حتى في أوساط تلك العشائر حول إنشاء الكلية ولكن الحالة التي وصلنا إليها تعكس وضعا لم يكن أحد يتمنى الوصول إليه ومفاده أن سكان المنطقة ونوابها يشجعون إقامة الكلية مقابل «المؤامرة» التي تقودها جهات «من خارج المنطقة» لحرمان السكان من الفوائد المترتبة على هذه الكلية. أحد نواب المنطقة ذهب بعيدا -للأسف- في تصريحاته مشيرا بأن «الدراسات التي أجريت تؤكد عدم وجود تأثير على البيئة من المشروع» علما بأنه لم يتم إجراء دراسات ولا يحزنون باستثناء المخططات التصميمية وهي ليست دراسة تقييم اثر بيئي كما أن مزرعة دجاج في الصحراء توجد لها تأثيرات بيئية وتخضع لدراسات تقييم الأثر البيئي فكيف يمكن أن نتجاوز القانون في موضوع الكلية العسكرية في قلب الغابات الطبيعية التي تضم اشجارا معمرة ونادرة؟
لا بد من شكر القيادة العامة على تجاوبها مع مطالب التجمعات الشعبية والبيئية التي ابدت قلقها على الآثار البيئية للمشروع وطالبت بتغيير الموقع، وكان هذا التجاوب جادا وصدر عنه 14 تغييرا على التصميم يمكن في حال تطبيقها بالتزام وحرص ورقابة حثيثة أن تسهم بتقليص الآثار الناجمة عن المشروع.
لكن هذه خطوة نحو الأمام لا بد أن يسبقها الالتزام بالقانون الذي ينص على إجراء دراسة لتقييم الأثر البيئي تقوم وزارة البيئة بتحديد الشروط المرجعية لها بحيث تتضمن دراسة إمكانية تغيير موقع الكلية إلى موقع آخر ضمن المحافظة حتى لا يتم حرمان أبناء المنطقة من «الفوائد المترتبة عليها» والتي سنعود بعد سنتين للحديث عن مدى حقيقتها.
يجب أن تكون هذه الحالة هي الأخيرة التي تتم فيها الموافقة من قبل مجلس الوزراء على مشروع «استثماري أو سياحي أو عسكري» بدون دراسة تقييم أثر بيئي ويجب أن تمنح وزارة البيئة الصلاحية التامة للموافقة أو الرفض كما هو الحال مع كافة المشاريع الأخرى التي تخضع للمسار القانوني المتبع في هذه الحالات وهو قانون حماية البيئة ونظام تقييم الأثر البيئي.
أما في حالة المناطق الحرجية بخاصة الكثيفة بالأشجار النادرة والمعمرة فيجب الالتزام بقانون الزراعة الذي يحظر الموافقة على أية منشآت ومشاريع في هذه المناطق، لأنه لو تم اختراق القانون مرة فإن مرات أخرى ستتبع ذلك تحت حجج مشابهة أهمها «الحاجة إلى التطوير التنموي» بكل ما تتضمنه من أبعاد اجتماعية تثير العواطف والمشاعر.
لم يفت الأوان بعد على المضي في الطريق الصحيح وهو تغيير موقع الاكاديمية التزاما بقانون وزارة الزراعة، لكن في حال كان من الصعب التراجع عن قرار مجلس الوزراء فإن الحل الأمثل هو المضي بدراسة تقييم اثر بيئي تحت إشراف وزارة البيئة والتي تحدد الشروط المرجعية على أن تتضمن دراسة موتقع بديلة ومن ثم تحديد كافة التغييرات المطلوبة على المخطط التصميمي وكذلك تطوير خطة مراقبة للتنفيذ تتضمن التأكد من عدم قطع أية شجرة أكثر من العدد المحدد بدراسة تقييم الأثر البيئي، ومن المهم أن يلتزم الجميع بالقانون وأولهم النواب المطلوب منهم احترام القوانين التي يقرونها تحت القبة!
batirw@yahoo.com
(الدستور)