فوز الاستاذ جهاد مدانات بالمقعد المسيحي عن دائرة عمان الثانية في الانتخابات النيابية الأردنية التي جرت مؤخرا أثار جدلا واسعا في الأوساط الشعبية بعد ترشحه على قوائم حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين .
حصول السيد مدانات الذي ترشح لهذه الانتخابات على قائمة حزب إسلامي معارض معروف بخلفيته الدينية المحافظة على اكثر من ثلاثة و عشرين ألف صوت أثارت انتقادات واسعة النطاق من بعض الجهات التي عزت نجاحه في الوصول إلى قبة البرلمان الأردني إلى القاعدة الجماهيرية العريضة الواسعة النطاق لحزب جبهة العمل بالمقام الاول و ليس إلى أصوات الناخبين المسيحيين في دائرته .
الأصوات المعارضة لترشح السيد مدانات عن قائمة حزب جبهة العمل الإسلامي تجاهلت حقيقة أن هذه الشخصية البارزة في المجتمع الأردني لم تكن الشخصية المسيحية الوحيدة في التاريخ العربي المعاصر التي اثير من حولها لغط واسع حتى من اتجاهات فكرية أخرى و من أبرز هؤلاء سمي الاستاذ جهاد مدانات وزير المواصلات السوري الأسبق جهاد ضاحي أحد أبرز مؤسسي حركة القوميين العرب .
جهاد ضاحي كان بحسب كتاب " حركة القوميين العرب النشأة - التطور - المصائر " الصادر عن المركز العربي للدراسات الاستراتيجية في دمشق عام 1997 للباحث العربي السوري الحلبي محمد جمال باروت من الشخصيات التي تأثرت تأثيرا عميقا بمحاضرة الاستاذ ميشيل عفلق مؤسس حزب البعث العربي الإشتراكي التي ألقاها في جامعة دمشق في شهر نيسان / ابريل من العام 1943 في ذكرى المولد النبوي الشريف و التي حملت عنوان في ذكرى الرسول العربي .
محاضرة الاستاذ عفلق الذي أعلن عن اعتناقه الاسلام لاحقا كانت سببا مباشرا في اعتناق جهاد ضاحي للإسلام مغيرا و مبدلا اسمه من عبد المسيح إلى جهاد ، و كان بمثابة نقطة تحول دراماتيكية في حياة هذا الرجل الذي خاض مسيرة نضالية حافلة ضد الإمبريالية و ادواتها في الوطن العربي الكبير على مدار عدة عقود من الزمن .
إن الشاهد في هذا الموضوع هو أن جهاد مدانات هو ليس الشخصية العربية المسيحية الوحيدة أو الاولى من نوعها التي يثار من حولها هذا اللغط ، بل سبقه إلى ذلك آخرون من أبرزهم كما ذكرنا جهاد ضاحي و بل الاستاذ ميشيل عفلق شخصيا ، و هكذا تتواصل مسيرة جهاد المسيحيين العرب و مشاركتهم في كفاح أمتنا المجيدة من أجل نيل حريتها و تحقيق وحدتها لتمارس دورها الحضاري الطليعي في تقدم البشرية و تطورها .