مجلس النواب 2024 ومضة (٢): قراءة في نسبة التصويت
الدكتور مهند عبد الفتاح النسور
12-09-2024 02:14 PM
تناولت العديد من المقالات والمقابلات الإعلامية مسألة ارتفاع نسبة التصويت في الانتخابات بشكل عام، مُشيدة بهذا الإنجاز ومعتبرة إياه مؤشراً إيجابياً. ورغم أن هذه الإشادة مشروعة في سياقها، إلا أنه من الضروري، من الناحية الفنية، تسليط الضوء على بعض الأمور الهامة التي يجب أخذها بعين الاعتبار:
١. لقد أُجريت انتخابات 2020 في ظل ظروف صعبة، حيث كانت البلاد تعاني من جائحة كورونا التي ألقت بظلالها الثقيلة على كافة جوانب الحياة، بما في ذلك العملية الانتخابية. ولا يمكن إغفال التأثير الكبير الذي أحدثته الجائحة على نسبة المشاركة السياسية، والتي شهدت انخفاضًا ملحوظًا نتيجة للقيود الصحية والخوف من التجمعات.
٢. نسبة التصويت ٢٠٢٤ هي الاقرب الى عام ٢٠١٦.
٢. من الأمور الجديرة بالاهتمام في الانتخابات الأخيرة هو العدد الطبيعي من الناخبين الجدد، الذي يقدر عددهم بحوالي مليون مواطن. هذه الفئة الشبابية كانت تمثل فرصة حقيقية لضخ دماء جديدة في المشهد الانتخابي. ومع ذلك، يبقى السؤال حول مدى وعي هؤلاء الناخبين واستعدادهم للمشاركة الفاعلة في الحياة السياسية، خاصة في ظل الظروف التي يعيشها الأردن.
٣. هناك تساؤل حقيقي و هام حول مدى إسهام الأحزاب السياسية في رفع نسبة الاقتراع مقارنة بالتوقعات المأمولة. على الرغم من الحديث المستمر عن ضرورة إدماج شرائح المجتمع المختلفة والمهمشة، بما في ذلك الشباب، الأشخاص ذوي الإعاقة، و الفئات الاجتماعية المهمشة، و هل كان الأداء الحزبي بالمستوى الذي يعكس تلك الطموحات. فهل كانت الأحزاب قادرة على تقديم برامج وسياسات جاذبة لشرائح أوسع من الناخبين؟.
٤. بالرغم من الارتفاع المسجل بواقع ما يقارب ٣٪ في نسبة الاقتراع، إلا أن نسبة مشاركة النساء في التصويت لا تزال متدنية بالمجمل. حيث هذه الفئة المهمة تشكل جزءًا أساسياً من المجتمع، ودورها في تعزيز العملية الديمقراطية لا يمكن تجاهله. و من غير المقبول أن تظل مشاركة النساء في العملية الانتخابية ضعيفة إلى هذا الحد، مما يتطلب مزيداً من الجهود لتعزيز حضورهن السياسي.
٥. ضرورة تحليل قواعد بيانات الناخبين بضمن المعلومات الديمغرافية و الجغرافية المتاحة للوقوف بشكل اكثر دقة على واقع الحال، و تجنب اطلاق احكام او نتائج ايجابية لا ترتكز الى المعلومة الدقيقة المبينة على الادلة و البراهين.
اختم بالقول بالرغم من بعض الامور و بعض التحديات التي أشرنا إليها و غيرها، فإن الأمل منعقد هذه الايام بالبداية الجيدة للتحديث السياسي الحقيقي التي تحمل في طياتها فرصاً جديدة لتعزيز المشاركة السياسية وتحسين العملية البرلمانية. ومع استمرار العمل نحو تفعيل دور الأحزاب وإشراك كافة فئات المجتمع بكافة اطيافه، يمكن أن نرى تحولاً حقيقياً وتدريجي في المشهد السياسي الأردني.