"التهنئة والمباركة" بعد ان نرى الأداء
فيصل تايه
12-09-2024 12:20 PM
مع إعلان النتائج النهائية للانتخابات النيابية وما حملته من مؤشرات ونسبة مشاركة ، تدخل المسيرة الديمقراطية في الأردن مرحلة جديدة من العمل الوطني، لتتعزز قيم الممارسة الديمقراطية والمشاركة الشعبية، ليكون المواطن شريكًا وفاعلاً في صناعة القرار من خلال ما مارسه من حق دستوري في التصويت والانتخاب لاختيار ممثليه في مجلس النواب .
لقد جاءت المشاركة في هذه الانتخابات، لتؤكد من جديد على مدى إيمان أبناء الاردن بالعملية الديمقراطية كإطار وطني ناجع للتعبير عن طموحاتهم وتطلعاتهم عبر ممثليهم في السلطة التشريعية، فضلا عما عكسته هذه المشاركة من سمات يتميز بها الشعب الاردني وما يوليه من حرص على المساهمة الفاعلة في صياغة مستقبل وطنه وتعزيز مكانته على كافة المستويات ، فقد ترسخت ثوابت الممارسة الديمقراطية من خلال الأطر القانونية والدستورية التي شكلت إطارا عاما داعما للعملية الانتخابية وهو ما كان له أثره البارز في تعزيز المشهد الانتخابي سواء على مستوى الترشح أو التصويت .
لقد كشفت نتائج الانتخابات التغييرات الكبيرة التي طرأت على تشكيلة المجلس النيابي المنتخب ، وعن ملامح جديدة تعكس خيارات الشارع في هذه المرحلة وما تشهده من تحديات مختلفة، والتي ستنعكس بدورها على طبيعة العمل الوطني ككل في المرحلة المقبلة، اذ ان هذه الانتخابات شكلت انعكاسا واضحا لرغبة الشعب الاردني في التغيير، من خلال ممارسة حقه الديمقراطي وصلاحياته الدستورية، وفق أعلى درجات النزاهة والشفافية، وذلك نتيجة لاعتبارات وقناعات مرتبطة بتوجهات الناخبين ومدى اقتناعهم ببرامج المترشحين الانتخابية، أو في ضوء نظرة الناخب ورؤيته لمنجزات النواب السابقين ومدى قدرتهم على مواصلة تحقيق طموحات الناخب تحت قبة البرلمان، وهو ما يضع على عاتق النواب الجدد مسؤولية كبيرة في أن يكونوا على قدر هذه المسؤولية، وأن يثبتوا أنهم كانوا الخيار الأفضل.
فلنكن متفائلين بتشكيلة مجلس النواب الجديدة ولنعي حماس واندفاع غالبية السادة النواب نحو خدمة قضايا مواطنيهم وبلدهم ، فالمسؤولية عظيمة ، ومن السهل كشف خفايا المتلحفين بعباءة الحرية والديمقراطية ، وستكون الرقابة جادة وقوية من كل الأردنيين ، فالسادة النواب الجدد سيمثلون الروح الجديدة للمجلس الذي ينظر له كل الأردنيين من مختلف أطيافهم وألوانهم نظرة تفاؤل وأمل من خلال إعادة ترتيب البيت الأردني بما ينسجم والواقع الذي تمليه الضرورات الحتمية ليكون عملهم هو السير صعوداً نحو مواجهة كل العقبات والتحديات ، لتتوسد ثقتنا بما هو أعظم وأجل وأقدس وهو مستقبل أردننا ، ذلك يزيدنا إيماناً بأن أردن الغد لن يكون إلا كما نريده جميعاً .
لا نريد أن نستبق الأمور ، ولن ندعو إلى الاستعجال في تهنئة الذين فازوا بالنيابة ، ولا نريد أن نلقي شعارات وهتافات طابعها المدح في حقهم ، فنحن في شوق عارم لرؤية شعاراتهم المعلنة والخفية والتي ستصبح سارية المفعول اعتبارا من اليوم الأول لدخولهم قبة البرلمان لنرصد أدائهم ودورهم في المستقبل لنقدم لهم بعد ذلك أجمل التهاني والتبريكات ، وانا اعتقد ان الذين يستحقون التهنئة الآن هم الذي صوتوا لهم لأنهم قالوا كلمتهم ، متمنيا أن يدركوا أن رائحة الجاه والبروز والشهرة لن تكون أقوى من أمن الوطن والمواطن الاجتماعي والاقتصادي والحياتي ، على أمل أن تتحقق الأهداف التي نصبوا إليها وفق الرؤى المستقبلية الحديثة التي يأملها كل الاردنيين ، ضمن نهج المصلحة الوطنية التي هي دوما فوق كل المصالح والاعتبارات ، اذ من المرتقب أن يشهد الجانب التشريعي والرقابي لمجلس النواب حراكا نشطاً وارتفاعاً في وتيرته خلال المرحلة المقبلة لمراقبة أداء وعمل الحكومة، وومتابعة تنفيذ برنامجها في الشان السياسي والتنموي المحلي في ظل الظروف الاقليمية الراهنة وحجم التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه المسيرة التنموية .
كما ويجب ان ندرك ان الشخصيات النيابية القامة الى القبة تضم نخباً حزبية ونقابية واعلامية وخبرات اقتصادية وسياسية من مختلف القطاعات الاقتصادية والسياسية تمثل كل الوان الطيف الاردني ذلك للعمل مع الحكومة كشريك حقيقي في صياغة السياسات وتشكيل المواقف الاردنية تجاه مجمل القضايا التي تواجه الوطن وكذلك في بناء التنمية وتحريك عجلة الاقتصاد وتنمية وتطوير المجتمعات المحلية ليصب في الرؤية الوطنية الشاملة تجاه المواطن التي تركز على تطوير نوعية حياته وتمكين الفرد والاسرة من ناحيتين الاجتماعية والاقتصادية
بقي ان اقول ، ان التحديات أمامنا كبيرة والظروف تحتاج منا الوقفة ، لتحقيق العدالة واحترام الكفاءة وسيادة القانون ، وترسيخ ثقافة الشراكة للجميع في تحمل المسؤولية ، كلٌ في موقعه بعيدا عن أيه أجندات ، وبعون الله سنكون قادرين على مواجه تلك التحديات بكل جرأة وموضوعية وبهمة الرجال الأخيار من هذا النسيج الاجتماعي المتآلف والمتعاضد ليبقى الأردن دوماً.. قوي بأهله ورجالاته الغر الميامين في ظل قيادته الهاشمية المظفرة .