في هذه المرحلة من المراهقة السياسية والإعلامية، وعندما يصبح كل شيء خاطئاً وفاسداً ومرفوضاً، لا بد من وضع النقاط على الحروف، والحيلولة دون الذهاب بعيداً في مجالات التضليل والتشويه.
يقولون أين ذهبت أموال التخاصية، وكأن ما جرى لتلك الأموال من الأسرار، مع أن وزارة المالية تنشر شهرياً التفاصيل الكاملة للمقبوضات والمدفوعات العائدة لصندوق التخاصية الذي لم يبق منه الآن سوى 3ر13 مليون دينار مودعة في البنك المركزي.
بلغ مجموع الأموال المقبوضة من عمليات التخاصية حتى تاريخه 4ر1729 مليون دينار، تم إنفاقها على أوجه معروفة ومبررة. يكفي القول أن 5ر96% من حصيلة التخاصية استعملت لتسديد الديون، وهذا في رأي الاقتصاديين أفضل استخدام، لأنه يمثل استثماراً يوفر على الخزينة في تسديد القروض وفوائدها.
وبقدر ما ُيعتبر الاقتراض وتضخيم الدين العام عملاً سلبياً يستحق الاستنكار والمعارضة، فإن التسديد وتقليص حجم الدين العام يعتبر عملاً إيجابياً يستحق الترحيب والتأييد.
أما باقي الحصيلة التي لم تستخدم في تسديد الديون فقد ذهبت لتمويل مشاريع تنموية وصناديق إسكان وبضمنها 40 مليون دينار لبرنامج التحول.
وهنا يتساءل هؤلاء عن سر ارتفاع المديونية بالرغم من استخدام حصيلة التخاصية في تسديد جانب من تلك المديونية، وهذه مغالطة صارخة، فتسديد الديون خفّض المديونية في سنة التسديد، ولكن المديونية عادت إلى الارتفاع لأن عجز الموازنة استمر بل تضخم، والمديونية أخذت ترتفع سنوياً بمبالغ هائلة. وهذه مشكلة لا تعود لكون تسديد الديون ليس الإجراء الصحيح، بل لكون السياسة المالية منفلتة، ولا تعرف الانضباط إلا في التصريحات الصحفية اليومية التي يدلي بها وزير المالية من باب التعامل مع القضايا المالية بمنطق وأساليب العلاقات العامة.
تسديد 5ر1 مليار دينار من الدين العام بخصم 11% لم يرفع المديونية بل خفضها بمقدار 1685 مليون دينار. وإذا كان حجم المديونية قد وصل الآن إلى 5ر11 مليار دينار فقد كان سيصل إلى 13 مليار دينار لولا عمليات التسديد التي خفضت حجم الدين ولكنها لم تحل مشكلة المديونية وليس من المفروض بها أن تفعل.
(الرأي)