في الاخبار ان سمير الرفاعي رئيس الحكومة السابق، قبل أربعة أيام، كان متوجهاً إلى عشاء في مادبا،عند صديق له من بني حميدة،وان شباباً من بني حميدة،قطعوا الطريق في وجه الرئيس لمنعه من حضور العشاء، مما اضطره الى تغيير الطريق.
وصل الرفاعي في النهاية،عبر طريق بديل، ووصل ضيوفه، وجرى العشاء على خير، دون أي مشاكل في ضيافة أهلنا من بني حميدة.
ناصية هؤلاء كان الناشط العمالي والصديق العزيز محمد السنيد، وإذ اتصلت به لاسأله عما حدث، قال انه لم يقطع الطريق، وان الشباب العشرين الذين كانوا معه، لم يقطعوا الطريق ايضاً، وان عادات الأردنيين لا تسمح بقطع الطريق في وجه احد.
يقول السنيد..»كل مافعلناه هو اننا حملنا يافطات ووقفنا الى جانب الطريق التي يسير عبرها الرئيس الرفاعي،وغيره من مدعوين للتعبير عن رفضنا لبيع أراض في منطقتنا لاحدى الشركات، وهو البيع الذي تم، وحملنا يافطات عليها شعارات كثيرة».
سألته عن هذا السبب الذي يوّتر موقفه من الرئيس السابق، فقال لسببين،الأول ان حكومته كانت ضد الفقراء،والثاني ان حكومته لم ُتعيّن اي مسؤول من بني حميدة،والثالث يتعلق بقصة بيع الارض لاحدى الشركات.
«لم نقطع الطريق،ولسنا قطاع طرق،ولو قطعناها فعلى الدولة ان تقوم بسجننا،لاننا نعرف العادات جيداً»بهذه الكلمات انهى السنيد رده عليّ خلال مكالمتي الطويلة معه.
بشأن أسباب السنيد الذي جوبه من الحكومات المتعاقبة بحرب ضروس،منعته من العودة الى عمله بعد فصله،في فترات سابقة،ثم ماجرى بينه وبين وزير الزراعة السابق،فأن المناقشة تبدو مهمة في ذات الوقت.
ذات يوم سألت مسؤولا عن سر عدم اعادة عمال مياومة الزراعة الى وظائفهم،فقال ان كلفة رواتبهم تصل الى نصف مليون دينار سنوياً،وانه لا توجد اموال ولا مخصصات.
المفارقة ان الحكومة اضطرت لاحقاً،تحت وطأة حراك العمال وتحالفاتهم الى زيادة موظفي الحكومة عشرين ديناراً.
زيادة العشرين كلفت الخزينة مئات الملايين،في الوقت الذي كانت تتذمر من اعادة مائة وخمسين عاملا لا يكلفون أكثر من نصف مليون دينار سنوياً، وهكذا تضاعفت الكلفة مئات الاضعاف!.
سياسات الحكومات المرفوضة شعبياً،والتي ننتقدها، في الاغلب ليست سياسات شخصية،بقدر ماهي سياسات للمؤسسة العامة تنفذها الحكومة الموجودة.
من يتفاءل ويقول لنحلم بأن دول الخليج ستقوم بسداد كامل المديونية الاردنية البالغة احد عشر مليار دينار،يقول ايضاً ان الاردن سوف يستعيد ذات المديونية خلال خمس سنوات،بسبب سياسات الدعم للسلع والتوظيف بلا حدود.
معنى الكلام ان كل السياسة الاقتصادية للدولة في وضع صعب جداً،بسبب ارث الحكومات المتعاقبة،وبسبب جملة عوامل مختلفة،وان سياسات الدعم لابد ان تنتهي في مرحلة ما.
عدم تعيين اي مسؤولين من بني حميدة في عهد سمير الرفاعي،ينطبق على مناطق اخرى وعائلات ثانية،اذ لايمكن تمثيل كل العائلات في كل حكومة، والا اصبحنا بحاجة الى حكومة من الف وزير بما يماثل تقريباً عدد العشائر الاردنية الكريمة.
قصة الارض،لا أحد يفهم تفاصيلها الدقيقة، وماخلفها،الا ان القرار الحكومي يبقى قابلا للنقد والتقييم،من شتى زواياه، دون موقف مسبق، في ظل غياب المعلومات.
بني حميدة عشيرة ممتدة وكبيرة،ولها وزنها وتاريخها واحترامها،ولا أحد يظن ان هناك رئيساً للوزراء في الاردن، يعادي مكوناً اجتماعياً لاي سبب، خصوصاً ان لا ثارات نائمة او حيّة بين اي رئيس حكومة واي عشيرة في الاردن.
موقع رئيس الوزراء ايضاً،بات مكلفاً جداً جداً في الاردن،خلال توليه،وبعد الخروج من الموقع.
بلد الكرام وابناء الكرام،مهما حدث فيه وصار..أليس كذلك؟!.
mtair@addustour.com.jo
(الدستور)