هيئة الانتخابات: ركيزة الديمقراطية وحارس الشفافية في الأردن
حاتم القرعان
11-09-2024 03:46 PM
في مسار الديمقراطية الذي اختاره الأردن بمسؤولية وإصرار، تقف الهيئة المستقلة للانتخابات كإحدى أهم ركائز هذا المسار، مقدمة نموذجًا فريدًا في إدارة العمليات الانتخابية بما يضمن نزاهتها وشفافيتها. ومن هذا المنطلق، نتوجه بأسمى آيات الشكر والعرفان للهيئة المستقلة للانتخابات وعميدها معالي موسى المعايطه ابو حابس وكافة العاملين فيها على الجهود الكبيرة التي بذلت خلال الانتخابات الأخيرة، حيث أظهرت الهيئة التزامًا ثابتًا بقيم الديمقراطية والمساواة بين جميع الأطراف المشاركة.
لقد كانت العملية الانتخابية التي شهدها الأردن مؤخرًا خير دليل على قدرة الهيئة على إدارة ملف حساس كهذا بكل أريحية ودقة. ومنذ اللحظات الأولى لانطلاق العملية، حرصت الهيئة على الالتزام بأعلى معايير الشفافية، سواء في التعامل مع الناخبين أو المرشحين أو حتى الجهات الرقابية، مما جعل الثقة العامة في نتائج الانتخابات عالية وغير قابلة للتشكيك.
وفي هذا السياق، لا يمكننا إغفال الإشارة إلى الدور الكبير الذي قامت به الأجهزة الأمنية، والتي كانت على أعلى درجات الجهوزية والاستعداد لضمان سير الانتخابات بأمان وهدوء. لقد لعبت تلك الأجهزة دورًا حاسمًا في حماية العملية الانتخابية، سواء من خلال توفير الأمن في مراكز الاقتراع أو من خلال ضبط المخالفين والخارجين عن القانون. هذا التعاون المثمر بين الهيئة المستقلة والأجهزة الأمنية عزز من نزاهة الانتخابات وساهم في خلق بيئة آمنة للناخبين والمرشحين على حد سواء.
أحد أبرز جوانب العمل الذي يستحق الإشادة هو الحزم الذي أظهرته الهيئة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية في التعامل مع الخارجين عن القانون، أولئك الذين حاولوا التأثير سلبًا على مسار الانتخابات عبر ممارسات غير قانونية. لقد كانت الهيئة، وبدعم الأجهزة الأمنية، مثالًا يُحتذى به في تطبيق القانون بشكل صارم وعادل، ما عزز من نزاهة العملية الانتخابية وأكد أن لا مكان في الأردن لتجاوزات تهدد الديمقراطية أو حقوق الناخبين.
ولا يمكننا إغفال جهود جميع العاملين والمتطوعين الذين شاركوا في تنظيم وإنجاح العملية الانتخابية. فقد وقفوا بلا كلل أو ملل في مختلف المراحل، من التحضير إلى الإشراف على مراكز الاقتراع، وحتى الوصول إلى مرحلة فرز الأصوات وإعلان النتائج. كانت جهودهم الجبارة عاملاً أساسيًا في نجاح هذا العرس الديمقراطي، مقدمين مثالاً حيًا على التزام الأردنيين بخدمة وطنهم في أحلك الظروف وأكثرها حساسية.
وفي هذه اللحظة، لا يسعنا إلا أن نبارك لجميع الفائزين في الانتخابات، سواء كانوا أفرادًا أو ممثلين عن الأحزاب. لقد استحقوا هذه الثقة من الشعب بعد أن أثبتوا أنهم قادرون على تمثيل إرادة الناخبين، ونتمنى لهم النجاح والتوفيق في مهمتهم الجديدة داخل البرلمان. إن الفوز في الانتخابات ليس نهاية الطريق، بل هو بداية لمسيرة من العمل الجاد والمخلص لخدمة الوطن والمواطنين، وتحقيق تطلعاتهم في بناء أردنٍ أقوى وأكثر استقرارًا.
أما من لم يحالفهم الحظ هذه المرة، سواء كانوا من المرشحين أو من الأحزاب، فنقول لهم بكل ثقة إن الديمقراطية لا تُقاس فقط بعدد المقاعد التي تُفوز، بل في المشاركة والمساهمة في صنع القرار الوطني. فالإخفاق في هذه المحطة لا يعني نهاية الطريق، بل هو دعوة للمثابرة والعمل الجاد في مسيرة خدمة الوطن، وهو ما يتطلب الاستمرار في العمل من مواقع مختلفة، سواء داخل المجلس أو خارجه. فكل يد تبني، وكل فكرة مخلصة تساهم في دفع عجلة التقدم نحو الأمام.
وفي هذا السياق، نشير إلى أن الانتخابات ليست مجرد وسيلة لاختيار ممثلين للشعب، بل هي تعبير عن وحدة الصف الوطني وتماسك النسيج الاجتماعي. فكل صوت أدلى به الناخب هو شهادة ثقة في النظام الديمقراطي الأردني، وكل مشاركة ساهمت في تحقيق الاستقرار وترسيخ القيم الوطنية التي نعتز بها. فالانتخابات هي مرآة لوطن يتطلع إلى الأمام، ويسعى بكل مكوناته إلى تحقيق الأفضل.
ولا يسعنا إلا أن نختتم هذا المقال بتجديد الشكر للهيئة المستقلة للانتخابات ولجميع القائمين على هذا الإنجاز الوطني العظيم. لقد أظهرت الهيئة، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، أنها الركيزة التي يعتمد عليها الشعب الأردني في ضمان نزاهة واستقامة مساره الديمقراطي. كما نثمن جهود كافة المشاركين من العاملين والمتطوعين، والذين سهروا على تأمين نجاح هذا الحدث المهم، والذي يعزز من مكانة الأردن كدولة قانون ومؤسسات.
ونحن نتطلع إلى المستقبل بتفاؤل وثقة، نأمل أن يستمر هذا النهج الديمقراطي في إثراء الحياة السياسية في الأردن، وأن يُترجم هذا النجاح الانتخابي إلى قرارات وسياسات تخدم الشعب وتحقق تطلعاته. فالوطن في أمس الحاجة إلى جهود الجميع، سواء كانوا داخل المجلس أو خارجه، لضمان مستقبل زاهر ومشرق تحت ظل قيادتنا الهاشمية الحكيمة.
حفظ الله الأردن، وبارك في أبنائه، وجعل مسيرتنا نحو التقدم والازدهار مستمرة بلا انقطاع.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين.