جذب الشباب لالعاب فيديو مسيسة
10-08-2007 03:00 AM
قد تكون الألعاب الإلكترونيّة وسيلة للترفيه لأفراد العائلة والأصدقاء، ولكنّ بعض المبرمجين يقومون بتسخيرها لأهداف سياسيّة وللتعبير عن وجهات نظر مختلفة في إطار ممتع، لتصبح الألعاب وسيلة فعالة لإبداء الآراء بطرق غير مباشرة وبدون استخدام الوسائل الإعلاميّة الكلاسيكيّة, بل وتفرض على لاعبيها تركيزا تاما وشغفا بسبب المؤثرات والـ «اكشن», الألعاب التقليديّة التي تحتوي على قصّة سياسيّة وهميّة تدور أحداثها في مكان أو زمان مختلفين عن الحاضر كثيرة، ولكنّ هناك نزعة كبيرة في تسخير هذه القصص نحو أهداف سياسيّة. العصر الرقميّ يحتاج إلى جيل جديد من الإعلام، والذي يمكن أن تكون بدايته من خلال الألعاب الإلكترونيّة. ومن الألعاب التي تخدم هذه المحاور لعبة "القائد باهمان" Commander Bahman الإيرانيّة، والتي يقوم "الدكتور كوشا" Doctor Kousha برواية أحداثها. "الدكتور كوشا" كان ينوي القيام بزيارة مدينة كربلاء لأداء بعض الفروض الدينيّة، ولكنّ القوات الأميركيّة قامت باحتجازه نظرا لأنّه عالم نووي بارز في إيران. ويجب على القائد الباسل "باهمان" البحث عنه وإنقاذه. الجدير ذكره أنّ مجموعة من الأطفال قامت ببرمجة اللعبة هذه تحت إشراف اتحاد نقابة الأطفال المسلمين في إيران. وتأتي اللعبة كردّ صريح لسلسلة من الألعاب الغربيّة التي تدور أحداثها حول الهجوم على إيران، مثل لعبة "إعتداء على إيران" Assault On Iran من صُنع شركة "كوما ريالتي غيمز" Kuma Reality Games، لتقوم شركة "كوما" بالردّ بطرح جزء جديد من اللعبة المذكورة عنوانه "الثأر في العراق" Payback In Iraq، والتي تبدأ أحداثها من نهاية أحداث لعبة "القائد باهمان". وتجدر الإشارة إلى أنّ الألعاب التي تطرحها شركة "كوما" تكون في العادة تماثل الأحداث الحقيقيّة التي تدور في العالم، وبدون وجود فاصل زمنيّ كبير بينها وبين زمن طرح اللعبة. وقامت شركة "كوما" بطرح أجزاء أخرى من لعبتها للبحث عن "صدام حسين" واعتقاله، والبحث عن ولديه"عدي" و"قصي"، ومداهمة عملية سرقة مصرف في مدينة "سامراء" ومعارك في "الفلوجة" و"الموصل" و"البصرة" والحرب في مدينة "الصدر" وسجن "أبو غريب" وقتل "الزرقاوي"، بالإضافة إلى أجزاء تدور أحداثها في "كوريا" و"أفغانستان" والبحث عن "أسامة بن لادن" والكثير غيرها من الأحداث المرتبطة بالواقع. هذا وقامت إيران أيضا بطرح لعبة استراتيجيّة جديدة اسمها "أنقذ المرفأ" Save The Port في محاولة "لردّ المذابح الحضاريّة التي يقودها الإعلام الغربي، ولترويج الحضارة الإيرانيّة الإسلاميّة". وتستخدم اللعبة مستوى رسومات ممتازة وتشجع على استخدام التفكير أكثر من العنف.
وفي تحد آخر، قامت مجموعة من المبرمجين الإسلاميين بصنع لعبة اسمها "البحث عن بوش: ليلة القبض على بوش" Quest For Bush: Night Of Bush Capturing كردّ على لعبة "البحث عن صدّام" Quest For Saddam. وتقوم لعبة "البحث عن بوش" بأخذ اللاعب عبر 6 مراحل تحتوي على أعداء يشبهون الرئيس الأميركيّ "جورج بوش"، بالإضافة إلى مرحلة سابعة هي المواجهة بين البطل والرئيس الأميركيّ. ويمكن سماع موسيقى وأغان تحثّ على الجهاد خلال اللعبة. ومن أسماء المراحل في اللعبة "يوم في الصحراء" و"نموّ الجهاد" و"الجحيم الأميركيّ" و"اصطياد بوش كالفأر". وتحتوي اللعبة على عناصر باللغة العربيّة والإنجليزيّة والفرنسيّة، وفي أماكن مختلفة. ويجب على اللاعب استخدام السكين الموجودة بحوزته في البداية والتقدم للعثور على قاذفات للصواريخ وقنابل ورشاشات وأسلحة أخرى مختلفة.
أمّا لعبة "صانع السلام" PeaceMaker، فإنّها تأخذ منحنى آخر، حيث تقوم بوضع اللاعب في الكرسيّ السياسيّ إمّا الفلسطينيّ أو الإسرائيليّ، وتضع على عاتقه مسؤولية تسيير أمور الدولة إما عن طريق الأفعال المسالمة أو الهجومية إن تطلب الأمر. وقامت مجموعة من الأكاديميين الفلسطينيين والإسرائيليين بتطوير هذه اللعبة في جامعة "كارنيجي ميلون" Carnegie Mellon في محاولة للوصول إلى أكبر عدد من اللاعبين من بيئات وخلفيات ووجهات نظر مختلفة، وإيضاح وجهة نظر كلّ طرف للآخر، لتصبح اللعبة وكأنّها جسر لربط عقول الشعوب المتعادية للوصول إلى درجة أفضل من التفاهم والتعايش. ويجب على اللاعب القيام بأفضل ما هو ممكن في ظلّ الأوضاع الملتهبة في دولته، من إضرابات وتفجيرات انتحارية واجتياح للمدن. اللعبة تهدف إلى إحلال السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما هو واضح من عنوانها. أمّا لعبة الأمم المتحدة "قوات الطعام" Food Force المجانيّة، فإنّها تطلب من اللاعبين توزيع الإمدادات الغذائيّة على جزر خياليّة، في ظلّ الأزمات الغذائيّة الموجودة في إفريقيا. هذا وتمّ تحميل اللعبة أكثر من مليون مرّة في الستة أسابيع الاولى من طرحها.
ولا ننسى ألعابا أخرى مشهورة "القوة الخاصّة" Special Force، التي تروي قصّة المجندين في "حزب الله" والذين يجب عليهم القتال في عمليات ضدّ الجيش الإسرائيليّ في ظروف مشابهة للظروف الحقيقيّة، من الطقس وتضاريس البيئة والألغام. ويقوم اللاعب في البداية بخوض تجربة القناصة في قتل شخصيّات إسرائيليّة سياسية كبيرة، مثل "آرييل شارون". وتهدف هذه اللعبة إلى قلب الموازين في الألعاب، حيث غالبا ما يتمّ تصوير العرب على أنّهم الأشرار، بينما يقوم الجنود الأميركيون بالحصول على دور البطولة دائما. أمّا ألعاب "تحت الرماد" و"تحت الحصار" التي طورتها شركة "أفكار" السوريّة، فإنّها تروي قصص شاب فلسطينيّ يقوم بالثورة على الوجود الإسرائيليّ.
ولدراسة سبب وجود الإتجاهات السياسيّة في الألعاب الإلكترونيّة، فإنّه يجب الانتباه إلى أنّ سوق الألعاب الإلكترونيّة أصبح سوقا كبيرا، وليس ذلك المجتمع الصغير المنغلق على نفسه كما كان في السابق. وأصبحت شركات تصنيع الألعاب تنفق عشرات الملايين من الدولارات في برمجة الألعاب الحديثة، ومبلغا كبيرا آخر للدعاية والإعلان عنها. وأصبحت أعداد اللاعبين تزداد بشكل أكبر، حيث لا توجد مدينة إلا وبها عدّة محلات لبيع الأجهزة والألعاب. هذا الأمر جعل عدد مشاهدي التلفاز وقراء الصحف والمجلات أقلّ بشكل ملحوظ، وبالتالي إيجاد شريحة كبيرة من المجتع العالمي التي تتحدث بشتى اللغات بعيدة بعض الشيء عن السوق الإعلامي السياسيّ. وبدخول الإعلام إلى هذه المنطقة، فإنّه أصبح بالإمكان إيصال الفكرة المرادة إلى أكبر عدد من الناس، وبشكل سهل جدّا وسريع (عبر الإنترنت)، وبدون الإكتراث للغة اللاعبين.
عن الشرق الاوسط.