facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




على مشارف الانتخاب: المشهد الحزبي بين التحدي والمأمول


ديما خرفان
09-09-2024 01:56 PM

يعود العرس الديمقراطي الوطني الأردني من جديد، لكن العودة هذه المرة مختلفة عن سابقاتها؛ إذ ستضع الأحزاب هذه المرة بصماتها على المشهد السياسي دون تردد أو تخفٍ، معبرة عن ذاتها بشكل صريح عبر قوائم وطنية ومحلية، مسنودةً بتشريعات تنظّم عملها وتحفظ حقوقها. فهل ستكون قادرة على إثبات نفسها لتكون جزءًا فاعلًا في صنع القرار؟

في خمسينيات القرن الماضي، شهد الأردن إعلان حالة الطوارئ وتجميد النشاط الحزبي بسبب الصراعات والانقسامات السياسية، وفي عام 1989 حدثت تحولات سياسية مهمة أدت إلى العودة التدريجية للحياة الحزبية وتوجّهاً نحو المزيد من الانفتاح السياسي، وسُمح للمرشحين في الانتخابات والمنتمين إلى مختلف القوى السياسية بالمشاركة فيها، ولم تكن العودة تلك عودةً كاملة للأحزاب، بل واجهت الأخيرة على إثرها العديد من التحديات، بما في ذلك ضعف البنية التحتية من حيث القواعد الشعبية والقيادات والبرامج والسياسات المقترحة ونقص الخبرة نتيجة ذلك الانقطاع، إلى جانب التقلبات السياسية الداخلية والخارجية.

لكن اليوم، وُضع حجر الأساس لمرحلة جديدة في مستقبل بلادنا بعد أن تم حل مجلس النواب الأخير، لنستقبل اليوم فصلاً جديداً سيتم فيه تطبيق التعديلات التي أدخلتها تلك الدورة على التشريعات المنظمة للعمل الحزبي والبرلماني، مثل قانون الأحزاب السياسية لعام 2022 وقانون الانتخابات المعدل، واللذان جاءا استجابة للمطالب المتزايدة بالإصلاح السياسي، لذلك ركزت تلك الإصلاحات على تطوير المشهد الحزبي بما يتماشى مع الرؤية الملكية لتحديث المنظومة السياسية وتعزيز المشاركة الشعبية في صنع القرار، وبالتالي فتح الباب الذي كان مغلقاً منذ سنوات طويلة، وهو مشاركة الأحزاب بصفتها الاعتبارية في صياغة وإقرار القوانين التي تحكم حياة المواطنين والمجتمع وهو ما يمثل خطوة مهمة نحو تعزيز الدور المؤسسي للأحزاب السياسية في البرلمان، بدلًا من الاعتماد فقط على الأفراد أو المستقلين.

هذا التوجه بطبيعة الحال يدفع الأطراف إلى العمل على تطوير برامجها السياسية وتقديم مرشحين مؤهلين لقضايا وبرامج وطنية أوسع، ورغم هذه التشريعات، يبقى التحدي الأكبر للأحزاب هو بناء قواعد شعبية واسعة تمكنها من المنافسة بفعالية في الانتخابات.
قد تكون الأحزاب قادرة على إثبات نفسها بإبراز أفضل ما لديها كون أنها تتنافس فيما بينها، وبالتالي سيكون المعيار المحدد هو الحزب الذي سيكون قادراً على تبني برامج سياسية واقتصادية وواقعية تؤثر بشكل مباشر على حياة المواطنين وتعالج قضاياهم اليومية. وهذا يصب في مصلحة المواطن في وقتنا الحالي. لكن في المقابل، لا أحد يعلم إذا كان سيبقى هذا يصب في مصلحة المواطن كما بدأ وتبدو الشعارات، أم ستعمد لتقديم التنازلات وتتخلف عن الوعود التي قطعتها لقواعدها الانتخابية وتتفرغ لمصالحها الشخصية؟

في المقابل، ما يزال هناك تخوف كبير لدى الناس من الانضمام إلى الأحزاب بشكل عام وما تزال فجوة الثقة حاضرة، حيث تعتبر هذه المواضيع حساسة للغاية لدى معظم الناس، بسبب ذلك الخوف المرتبط بمسار تاريخي مرت به المملكة على الرغم من اختلاف السياق اليوم وتشجيع جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين -حفظه الله ورعاه- على المضي في هذا الطريق حينما قال: "نسعى لأن تكون الأحزاب البرامجية جزءًا لا يتجزأ ورئيسيا من نظامنا البرلماني". وأكد جلالة الملك وأشاد بضرورة انخراط الشباب في العمل الحزبي، وأن على السلطة التنفيذية والتشريعية دفعهم للأمام وعدم إعاقة حركتهم، ويأتي ذلك في إطار الإصلاحات السياسية والتشريعية، التي تعزز من مسار تحديث النظام السياسي.

ولكن كي يتخلص الشعب من هذا الخوف والتردد تجاه الأحزاب، من المفترض أن تقوم الأحزاب نفسها بالواجب المنوط بها بأكبر قدر ممكن، لتثبت للشعب أن التجربة المتدرّجة مستقبلها النجاح، وأن لديها قدرًا عاليًا من المسؤولية، وملتزمة بالشفافية والعدالة والنزاهة. من هنا يبدأ بناء وتعزيز الثقة وسد الفجوة بين المواطنين والأحزاب، وهذا يتطلب بذل جهود متواصلة لتقديم برامج واضحة وخطاب ومقنع، والالتزام بتحقيقها عند الوصول إلى السلطة التشريعية.

إن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهها الأردن، كالبطالة والفقر، قد تلعب دوراً كبيراً في تحديد ملامح المشهد الانتخابي من خلال التمييز بين الأطراف التي يمكنها تقديم حلول واقعية وملموسة لهذه المشكلات، والتي من شأنها إقناع الناخبين بأن لديهم الكفاءة والجدية في تنفيذها دون استغلال تلك التحديات للتشويش على العملية الانتخابية. فالمشهد الانتخابي اليوم من البديهي أنه سيرسم ملامح المشهد الانتخابي بعد 4 أعوام، ومن المفترض والمأمول أن تساهم عودة الأحزاب في زيادة المشاركة السياسية للمواطنين وأن يمارس الشعب حقه بصورة واضحة ولمن يستحق.

إن النجاح في هذا المسار يتطلب من الأحزاب العمل الجاد لبناء برامج واقعية لتوسيع قواعدها الشعبية، مع الالتزام بمعايير الشفافية والمصداقية لاستعادة ثقة الناخبين وتقديم نموذج ديمقراطي فعال يتسم بمجابهة التحديات وتقديم الفرص الكبيرة، يرافقه سعي النظام السياسي الأردني إلى تعزيز مشاركة الأحزاب السياسية في عملية صنع القرار في إطار الإصلاحات السياسية والتشريعية الهادفة إلى تطوير الحياة الديمقراطية في البلاد.

لكن حتى يكون هنالك تطوير حقيقي للحياة الديمقراطية، يجب أن تتجاوز الأحزاب ذاكرتها التاريخية وتطور من خطابها وفكرها السياسي وأن تتبنى توجهات سياسية واضحة وتبني تصورات أكثر نضوجًا، حتى يكون معالم طريقها واضح تستطيع من خلاله كسب ثقة الناخبين، بدلًا من أن يجعل كل حزب من خطابه شبيهًا لحزب آخر، يحير بسببه الناخب في مدى الاختلاف بينها، وكان جلالة الملك عبد الله نفسه قد صنف توجهاته، فهو يتبع الوسط وهو يميني بالنسبة للدفاع والسياسات ويساري فيما يتعلق بالتعليم والصحة؛ فبالتالي يجب على الأحزاب أن تتبنًا خطًّا واضحًا تشكل على أساسه قاعدتها الشعبية، وتقنع الناخب بأنها قادرة على تحمل المسؤولية وأنها تنطلق اليوم من صفحة جديدة مستثمرةً هذه الفرصة تاريخية لبناء مستقبل أفضل، وأنها لم تعد كيانات خاملة، بل أصبحت شريكاً أساسياً في صنع القرار وتلبي آمال وطموحات المواطنين؛ فالمستقبل بأيدينا ونحن شركاء ومسؤولون عن بناء وطننا.

وفي الختام، تعتبر عودة الأحزاب إلى الساحة السياسية الأردنية علامة فارقة في عملية الإصلاح السياسي، وتفتح آفاقًا جديدة للمشاركة الشعبية في صنع القرار، لكن نجاح هذا المشروع يتطلب تضافر جهود كافة الأطراف، بدءاً بالأحزاب السياسية التي يجب أن تبني برامج واقعية وتوسع قواعدها الشعبية، وصولاً إلى الحكومة التي يجب أن توفر البيئة المناسبة لعمل الأحزاب، وتشجع المشاركة السياسية. إن بناء أحزاب قوية وفاعلة ليس بالأمر السهل، ويتطلب وقتًا وجهدًا لا يمكن الحكم عليه منذ التجربة الأولى، إلا أن المكاسب التي يمكن تحقيقها من خلال هذا المسار ستكون كبيرة، إذ تسهم الأحزاب في تعزيز الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية، وتعتبر قنوات للتعبير عن الرأي العام وبوابة الشعب للمشاركة في صنع القرار.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :