قراءة في أبرز ملامح أحكام قانون الانتخاب
النائب أحمد محمد الخلايلة
09-09-2024 01:49 AM
بدايةً، فقد أعتمد قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 ميلادية على نظام انتخابي مختلط يشتمل على مستويين مختلفين من التمثيل، أولهما وطني ويسمى بالدائره العامة، وثانيهما محلي ويسمى بالدائرة المحلية، وبموجب أحكام هذا القانون تم تقسيم دوائر المملكة إلى ثمانية عشر دائرة انتخابية محلية ودائرة عامة واحدة، وبذلك سوف يتشكل مجلس النواب القادم من مئة وثمانيةوثلاثون مقعداً نيابياّ.
وبموجب أحكام هذا القانون تكون الدائرة العامة أو القوائم الوطنية محصورة فقط بالأحزاب السياسية، والتي يخصص لها( 41) مقعداً نيابياً، وتعتمد نظام القوائم النسبية المغلقة مع وجود نسبة حسم - تسمى عتبة - مقدارها أثنان ونصف بالمئة، وذلك من مجموع تعداد المقترعين على مستوى الدائرة الانتخابية العامة.
مثلما يخصص ضمن الدائرة الانتخابية العامة مقعدين - على الأقل - للمسيحيين، هذا فضلاً عن تخصيص مقعد نيابي واحد - على الأقل - للشركس والشيشان، ولضمان تعزيز أشراك الشباب والمرأة في الحياة السياسية العامة، فقد خفض قانون الانتخاب النافذ سن الترشح إلى خمسة وعشرون عاماً، وقد نص على أن تلتزم القائمة بوجود شاب أو شابه - على الأقل - بعمر لا يتجاوز الخامسة والثلاثون عاماً، بحيث يكون ترتيبه أو ترتيبها من ضمن المترشحين الخمسة الأوائل، شريطة أن تلتزم القائمة المترشحة على مستوى الدائرة العامة بوجود أمرأة واحدة مترشحة على الأقل، وأن يكون ترتيبها من ضمن المترشحين الثلاثة الأوائل، هذا فضلاً عن وجود أمرأة واحدة - على الأقل - بحيث يكون ترتيبها من ضمن المترشحين الثلاثة الذين يتبعونها في القائمة.
هذا، ومن أجل ضمان التمثيل العادل، فقد أشترط قانون الانتخاب النافذ على القائمة المترشحة على مستوى الدائرة العامة بوجود مترشحين من ضمن أعضاءها موزعين على نصف الدوائر المحلية على مستوى دوائر المملكة ككل.
وبناءً عليه، ستسهم الدوائر العامة في تعزيز الهوية الوطنية الجامعة وإذابة الهويات الفرعية، وتطوير سياقات أجتماعية وسياسية جمعية يلتف من حولها الأردنيون والأردنيات من مختلف محافظات المملكة، وفي الوقت ذاته سوف توفر الدائرة العامة فرصة مواتية للأحزاب السياسية على التطور والنضوج، وذلك من خلال طرح برامج انتخابية هادفة،وهذا الأمر هو الذي سيساهم بالأنتقال بالحياة السياسية العامة في الأردن إلى آفاق مرحلة جديدة واعدة.
أما بالنسبة للدوائر المحلية، فهي تشمل ثلاث دوائر لمحافظة العاصمة، ودائرتين لمحافظة أربد، ودوائر انتخابية واحدة لكل محافظة من محافظات المملكة الأخرى، وثلاث دوائر مخصصة للبدو،علماً بأنه يجوز لأبناء وبنات البادية الأردنية الترشح خارج نطاق الدوائر المحلية المخصصة لهم بموجب أحكام قانون الانتخاب النافذ، مثلما يجوز لأي من المترشحين من الدوائر المحلية الأخرى الترشح في الدوائر المخصصة لمقاعد البادية، ولكن في مثل هذه الحالة يبقى سجل الناخبين مغلقاً.
ومن الجدير بالذكر، أن قانون الانتخاب يخصص في الدوائر المحلية سبعة مقاعد نيابية - على الأقل - للمسيحيين، هذا فضلاً عن مقعدان على الأقل للشركس والشيشان، مثلما تتضمن قائمة المترشحين على الدوائر المحلية عدداً من المترشحين بحيث لا يزيد على عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، وشريطة أن لا يقل عن مترشحين أثنين، بالتوازي مع وجود نسبة حسم - عتبة - مقدارها سبعة بالمئة من مجموع تعداد المقترعين على مستوى الدائرة الانتخابية.
مثلما تضمن قانون الانتخاب زيادة حصة المرأة من المقاعد النيابية المخصصة، وذلك بواقع مقعد لكل دائرة انتخابية، إذ تم تخصيص ثمانية عشر مقعداً للمرأة من أصل سبعة وتسعون مقعداً خصصها للدائرة المحلية، وهذا الأمر يفتح المجال واسعاً أمامها للترشح على المسار التنافسي، وذلك إلى جانب الكوتا المخصصة لها، وهذا ما يعزز من الفرص التنافسية للمرأة بشكل عام.
وقد أشترط قانون الانتخاب على المترشحين للمقاعد المخصصة للنساء أو المسيحيين أو للشركس والشيشان في الدوائر المحلية أختيار مسار الترشح الذي يرغبون به فأما الكوتا أو التنافس الحر، ويكون التنافس والنجاح على المسار الذي أختاره المترشح للترشح.
ومما ينبغي لفت الإنتباه إليه، أن القانون لم يشترط على موظفي القطاع العام والذين هم على رأس عملهم ويرغبون في الترشح لخوض غمار الانتخابات النيابية تقديم أستقالتهم، وإنما أكتفى بتقديم إجازة من دون راتب قبل تسعون يوماً من تاريخ موعد أجراء الأقتراع، وهذا هو الأمر الذي سيسهم في تعزيز حق الترشح وتسهيله من دون فقدان الحقوق والمكتسبات الأخرى، وتحديداً لدى فئات الشباب والمرأة والأكاديمين، وغير ذلك من الموظفين الذين مازالوا على رأس عملهم قبل موعد الاقتراع للانتخابات النيابية.
ومن مميزات هذا القانون المتعددة، أنه قد تضمن توقيع عقوبات جزائية صارمة تطال كل من يرتكب جرائم تخص العملية الانتخابية منذ البداية وحتى نهاية يوم الاقتراع، هذا فضلاً عن فرض عقوبات على الجرائم والمخالفات الانتخابية المتمثلة بأستخدام المال السياسي والتي تصل عقوبتها إلى الحكم بسنتين من الحبس والتي لا يمكن استبدالها - بأي شكل من الأشكال - وقد نص القانون - أيضاً - على تطوير إجراءات التقاضي فيها، وألزم القانون الهيئة المستقلة للانتخاب بتوفير شاشة عرض إلكترونية تكون متاحة لجميع المواطنين والمراقبين وذلك عبر الموقع الإلكتروني للهيئة، بحيث تبث من خلالها إجراءات تجميع النتائج أولاً بأول، مثلما حدد القانون الجديد سقف الإنفاق العام على الدعاية الانتخابية في جميع دوائر المملكة الانتخابية، وهذا الأمر يعزز عملية المشاركة السياسية والتماسك المجتمعي، ويعزز الهوية الوطنية الجامعة ويحد - بشكل رئيس - من الإرتباط بالهوية الفرعية.
وأستكمالاً لموضوعنا هذا، بقي القول إن قانون الانتخاب لمجلس النواب رقم (4) لسنة 2022 ميلادية، وقد أشتمل على أحكام عامة للمجلسين النيابيين الحادي والثاني والعشرين، وذلك لزيادة نسبة عدد المقاعد المخصصة للأحزاب بشكل تدريجي، وذلك لتصل إلى خمسة وستون بالمئة من مقاعد مجلس النواب في عشر سنوات القادمة، تمهيداً للوصول إلى مرحلة تشكيل حكومات برلمانية حزبية من الأغلبية النيابية.