الأردن يختار الدبلوماسية .. لكن لا تختبروا صلابته ..
محمود الدباس - ابو الليث
09-09-2024 01:42 AM
ضبط النفس حكمة لا تخطئ.. وكرامة لا تُساوَم..
أمام التصعيد الإسرائيلي المستمر في غزة والضفة الغربية.. وما ينجم عنه من عمليات عسكرية.. تستهدف الأطفال والشيوخ دون تمييز بين الأبرياء والمدنيين.. يجد الشعب الفلسطيني نفسه كل يوم أمام مجازر جديدة تعكس أسوأ أوجه الاحتلال.. هذه الجرائم تثير غضباً متزايداً.. لا يقتصر فقط على الفلسطينيين.. بل يمتد إلى الدول المجاورة التي ترى نفسها جزءاً من القضية الفلسطينية..
وجاءت التصريحات الإسرائيلية الأخيرة.. والتي تتحدث عن نية طرد الفلسطينيين الحاملين للأرقام الوطنية الأردنية.. لتزيد المشهد توتراً.. ما يفتح المجال لسيناريوهات تهجير واسعة نحو الأردن.. في استفزاز تاريخي ومباشر للشعب والدولة الأردنية..
وسط هذا المشهد المتأزم.. جاءت الحادثة الفردية على جسر الملك حسين.. حيث أقدم مواطن أردني على إطلاق النار على ثلاثة إسرائيليين.. لتكون بمثابة صرخة ضد الانتهاكات المستمرة.. هذه الحادثة رغم فرديتها.. إلا أنها تحمل رسالة واضحة للجيش والساسة الإسرائيليين.. وهي أن الأردن ليس لقمة سائغة.. وأن أي محاولات لتهديد الأمن الأردني.. أو تكرار سيناريوهات التهجير.. ستواجه برد فعل شعبي غاضب.. قد يفوق التوقعات.. فالأردنيون ليسوا بمنأى عن القضية الفلسطينية.. وروابط الدم والهوية.. تجمع الشعبين في نضال مشترك.
من جهة.. التصعيد الإسرائيلي لا يبدو أنه سيتوقف.. فالاحتلال يسعى لاستغلال أي فرصة لفرض أجندته التوسعية.. ومن جهة أخرى.. الحس الوطني الأردني يتزايد مع كل تهديد يمس فلسطين أو الأردن.. الأردن كان ومايزال وسيبقى دوماً في مقدمة الداعمين للقضية الفلسطينية.. على المستويين السياسي والشعبي.. وما يعزز هذا الدعم.. هو أن حادثة جسر الملك حسين.. تحمل في طياتها رسالة وطنية.. تعكس وحدة الشعب الأردني والجيش.. في مواجهة أي تهديد.. الشعب الأردني لا يُستهان به.. فهو كيان موحد لا يمكن إخضاعه.. أو استغلاله في مخططات مشبوهة.
ما على الساسة الإسرائيليين أن يدركوه.. أن الأردن ليس بالأردن الذي يمكن تجاهل مطالبه.. أو تهديد أمنه.. التصعيد الإسرائيلي.. سواء في الأراضي الفلسطينية.. أو عبر تهديدات التهجير.. يضع الأردن أمام مرحلة جديدة من التحفز والاستعداد.. لمواجهة أي تهديد يمس سيادته أو استقراره.. الأردن ليس ساحة مفتوحة للضغط أو المساومات السياسية..
في ظل هذا التصعيد المستمر.. والتصريحات الإسرائيلية المبطنة بالتهديد.. تأتي الدبلوماسية الأردنية لتحجز مكانها كأحد أهم الأعمدة في المشهد السياسي الإقليمي.. فالأردن لم يترك أي مجال للكيان الإسرائيلي للتصرف بحرية.. دون رد دبلوماسي صارم.. منذ البداية كان موقف الأردن واضحاً.. بأن الحلول الدبلوماسية هي الخيار الأول لحل النزاعات الإقليمية.. وهذا يشمل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.. نشاط الدبلوماسية الأردنية على الساحة الدولية.. هو الذي يحدد إيقاع الردود الرسمية.. دون أن يعني ذلك التراجع عن الحقوق.. أو التهاون في مواجهة التهديدات..
الأردن بقيادته الهاشمية يتميز بضبط النفس المستمر في مواجهة التحديات.. لكن.. هذا لا يعني بأي حال التراجع عن الحقوق أو السيادة.. فالأردنيون تعلموا من قيادتهم أن الكرامة لا تُمس.. وأن الأردن.. رغم تمسكه بالحوار كخيار استراتيجي.. لن يقف مكتوف الأيدي.. إذا ما تجاوزت الأمور حدودها.. الأردن لا ينحني إلا لله.. وهذه الرسالة يجب أن تكون واضحة للجميع.. التهديدات لن تثني الأردن عن مواقفه ولن تضعف إرادته..
هذه الحادثة الأخيرة.. تأتي لتؤكد مجدداً أن الأردن لن يكون ساحة للضغوط.. أو للمخططات الإسرائيلية.. فالدبلوماسية الأردنية قوية ومتزنة.. والجيش الأردني والشعب.. متوحدان في الدفاع عن الوطن.. وما يقدمه الأردن من ضبط للنفس هو من باب الحكمة.. الحكمة التي تعلمها من قيادته الهاشمية.. فالرد الأردني سيأتي في الوقت المناسب.. وبالطريقة المناسبة.. على اي تهديد او حركة رعناء..