مدى دستورية اتفاقيات استثمارية !
هاشم خريسات
12-05-2011 12:59 PM
مطالبة ديوان المحاسبة لوزارة النقل قبل ايام بتشكيل لجنة تضم جميع الاطراف, لدراسة مدى مراعاة اتفاقية ادارة وتشغيل وتوسعة مطار الملكة علياء الدولي الموقعة بين الحكومة ومجموعة المطار الدولية عام 2007م, لاحكام الدستور الاردني والقوانين السارية والمعايير المرجعية, اثارت قضية في غاية الاهمية يتم تداولها خلال السنوات الاخيرة تتعلق بشبهات دستورية تشوب العديد من الاتفاقيات المبرمة مع بعض المستثمرين في مشاريع محلية كبرى, لان الحكومات المتعاقبة التي ابرمتها لم تعرضها في حينه على مجلس الامة للمصادقة عليها حسب الاصول المرعية ! .
يستند الخبراء القانونيون في اعتراضهم على عدد من الاتفاقيات الاستثمارية, والشبهات التي تحوم حولها, الى ما نص عليه الدستور الاردني في المادة 117 وجاء فيه ما يلي "ان كل امتياز يعطى لمنح اي حق يتعلق باستثمار المناجم والمعادن او المرافق العامة يجب ان يصدق عليه بقانون", كما ان المادة 23/2 تنص احكامها على "المعاهدات والاتفاقيات التي يترتب عليها تحميل خزينة الدولة شيئا من النفقات او مساسا بحقوق الاردنيين العامة والخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة, ولا يجوز باي حال ان تكون الشروط السرية في معاهدة او اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية".
وفق هذه المعايير الدستورية لا ينطبق الامر على هذه الاتفاقية وحدها مع مجموعة المطار الدولية لادارة وتشغيل وتوسعة مطار الملكة علياء الدولي لمدة خمسة وعشرين عاما, بل يمكن ان يشمل اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع شركة "فرانس تليكوم" التي تمتلك 51% من الاتصالات الاردنية, وايضا الاتفاقيات مع شركات الجنوب الزراعية في منطقة الديسي التي استمرت اكثر من ربع قرن وكذلك اتفاقية بيع اراضي ميناء العقبة التي تم توقيعها عام 2008م, والحبل على الجرار في اتفاقيات كثيرة مشابهة حصلت على امتيازات استثنائية واعفاءات من الرسوم والضرائب قد تشكل في مجملها مخالفة دستورية ! .
يذهب المختصون في هذا الشأن الى ان اي اتفاقيات تمس بحقوق الاردنيين ولم يتم اصدار قانون فيها مصادق عليه من قبل مجلس الامة هي غير دستورية, الامر الذي يترتب عليه مساءلة جزائية وان لمجلس النواب الحق في ان يسأل او يتهم اية حكومة او وزير منها حول هذه الاتفاقيات, لان الاساس في الاحكام هو الدستور الذي يتقدم على كل التشريعات والانظمة مهما كانت, وبالتالي فان اي خروج عليه يعني ابطال كل ما يتعارض مع بنوده التي تشكل القاعدة الرئيسية لجميع النصوص القانونية في الاردن.!
يبدو ان جميع الاتفاقيات الاستثمارية التي تم عقدها خلال السنوات الاخيرة قد استندت الى قانون التخاصية لسنة 2000م الذي ينص في المادة 4/ج منه على ما يلي "تتم عمليات اعادة هيكلة وتخاصية المؤسسات العامة او المشاريع التي يمتلكها القطاع العام باتباع اي من الاساليب التالية: نقل ادارة المشروع من القطاع الخاص بمقتضى اتفاق بينهما يخول القطاع الخاص حق ادارته وتشغيله" اما المادة 7/ب فنصها " تخضع قرارات مجلس التخاصية لموافقة مجلس الوزراء عليها".. ومن هنا من غير المعروف فيما اذا كان هذا القانون ونصوصه يعتبر كافيا لعقد اتفاقيات كبرى مهما كان حجمها ومداها, ام ان هذه القضية البالغة الاهمية ربما تحتاج الى العرض على المجلس العالي لتفسير الدستور للبت في اية ملابسات تتعلق بعدم دستورية بعض الاتفاقيات الاستثمارية!.
Hashem.khreisat@gmail.com
العرب اليوم.