سنة الانتخابات تزدحم بالكذب والظواهر الصوتية
صالح الراشد
08-09-2024 09:59 AM
خطابات هنا ومناظرات هناك واجتماعات في العلن وأخرى في السر وبعضها في مقاهي عمان الفاخرة وأخرى على ولائم طائرة، ففي السنة الكبيسة التي تأتي مرة واحدة كل أربع سنوات يحق للمترشحين لعضوية مجلس النواب ممارسة كل أنواع الكذب والخداع على المواطنين وعلى زملائهم في الكتل الانتخابية، فقد مهد لهم الفيلسوف الإيطالي ميكافيلي الطريق وقدم لهم النصيحة بأن الغاية تبرر الوسيلة وشرح لهم طرق العمل للوصول للهدف بصورة سريعة للنفعية والواقعية السياسية التي أصبحت هي السائدة في القرنين الآخرين، لتنتشر الظواهر الصوتية بخطابات للمرشحين تثبت انفصالهم عن الواقع.
فالمرشحون لعضوية المجلس الموقر يتجولون فرادى وجماعات وكل منهم يغفو على حُلم جميل بأنه سيقسم اليمين، وعندما تُشرق الشمس يجد نفسه ما زال في السباق صوب العبدلي، فيدب فيه النشاط ويبدأ بالمزيد من الوعود الكاذبة التي يصدقها المواطنون رغم ان العديد منهم واكبوا أعضاء سابقين في مجالس متعددة أشبعوهم وعوداً كاذبة عند الانتخابات، وبعد الظفر بعضوية مجلس النواب غادروا ولم يعودوا للمراكز التي أفرزتهم، والمصيبة أنهم يطلبون الآن من ذات المواطنين تصديق ذات الأكاذيب السابقة والمصيبة الأكبر أن عدد محدود يروج لهم كونهم ارتضوا واعتادوا على لعب دور تجارة البشر.
ويبدو أن أحلام الكثيرين بالجلوس تحت القبة وأن يقال عنه ذهب سعادته وعاد سعادته جعلهم يصطحبون المواطنين في رحلة أحلام مختلفة، فالمطالب التي حددتها عديد الكتل والأحزاب غير قابلة للتطبيق وبعيدة عن أرض الواقع ولا يمكن أن يصدق أي صاحب فكر أو عاقل بأن نائب أو كتلة نواب قادرين على تحقيق الأحلام المستحيلة وبالذات في مجالي معالجة البطالة والطلبات الخاصة بالدوائر الانتخابية، وهذه الطلبات تحتاج لموازنة دول صناعية كُبرى لتحقيق أجزاء منها، والغريب ان المواطنين يعلمون أن المرشحين يكذبون والأغرب أن المرشحين يدركون أن المواطنين يعلمون أنهم كاذبون، والأشد غرابه أن الجميع سعداء متصلون.
وهذا لا يعني أنه لا يوجد أشخاص مؤهلين للقيام بالواجب المقدس تحت القبة، بل يتواجد نواب تركوا بصمات في الفكر وطرح المبادرات الايجابية رغم عدم تطبيقها لكثرة السلبيين، وهذا هو حال الديموقراطية التي في الغالبية العظمى من الحالات لا تفرز الأفضل، لكني كغيري سأذهب وأدلي بصوتي لاختيار من أراهم الأفضل والقادرين على حماية مستقبل الوطن والمواطن، ولكل قناعاته والأفضل دوما أن نختار الاشخاص القادرين على إحداث التغيير لنواكب التغيرات السريعة في العالم وحتى لا نجد أننا في نهاية تصنيف الدول، وعلى المواطنين أن يستفيقوا من أضغاث أحلام الانتخابات بإدارة ظهورهم لكل من أدار لهم ظهره في السنوات السابقة وأغفل همومهم ، والتركيز على من يملكون القدرة على تقديم أطروحات تنعكس بصورة ايجابية على الوضع الأردني الاقتصادي والاجتماعي الشمولي.
آخر الكلام.. يقول ابن داود: "في الانتخابات يكثر التجار وتروج تجارة الإعلام ويتزاحم المنافقون والأفاقون والانتهازيون على أبواب المرشحين، وتسود الشائعات وتطول المناظرات، وتقصر البصيرة، ويتشوش الفكر وينتصر من يملكون المال ويخسر أصحاب الفكر والرؤى، والخوف أن ننتج مجلس يكون مجرد صورة والقرارات قبل مشاهدتها بالتوقيع ممهورة".