تجريم الترويج للإباحية تحت غطاء "المساكنة"
د. أشرف الراعي
08-09-2024 08:57 AM
في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وانتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ظهرت بعض الظواهر السلبية التي تتعارض مع القيم المجتمعية والأخلاقية والدينية، من بينها ترويج الإباحية تحت غطاء ما يسمى بـ"المساكنة"، وهذه الظاهرة التي يُروج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أنها حرية فردية، باتت تهدد النسيج الأخلاقي، مما يستلزم التعامل معها بحزم في إطار قوانين الجرائم الإلكترونية.
و"المساكنة" كمصطلح يشير إلى سكن شخصين من الجنسين معا دون زواج، وهو مفهوم مرفوض تقليديا في المجتمعات العربية والإسلامية، ومنها الأردن، لما يمثله من تعدٍ واضح على القيم الأسرية والدينية، وفي كثير من الأحيان، يتم الترويج لهذا النمط من العيش عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو منصات الإنترنت الأخرى بطرق قد تتجاوز حدود المسموح بها اجتماعياً، لتتحول إلى شكل من أشكال الإباحية المقنعة.
وبالتالي، فإن ترويج الإباحية في هذا السياق لا يعني بالضرورة نشر محتويات فاضحة بصورة تقليدية فقط، بل يتعدى ذلك ليشمل المحتويات التي تروج لسلوكيات أو مفاهيم قد تؤدي إلى انحرافات أخلاقية واجتماعية، منها الإيحاءات الجنسية أو التشجيع على العلاقات غير الشرعية خارج إطار الزواج.
وقد جاء قانون الجرائم الإلكترونية الأردني ليحدد أطراً قانونية واضحة للتعامل مع الجرائم المتعلقة بالإباحية والترويج لها عبر الإنترنت؛ حيث جرم القانون "إرسال أو نشر أو عرض بيانات أو معلومات تتعلق بالإباحية"، حيث يعاقب مرتكبها بالحبس أو الغرامة، أو بالعقوبتين معا.
وتحديدا فيما يتعلق بالترويج للمساكنة على أنها حرية فردية، فإن استخدام الإنترنت لنشر محتويات تحرض على العلاقات غير الشرعية أو تشجع على الإباحية المقنعة تحت أي غطاء يعد انتهاكا صريحا لهذا القانون.
ومع الانتشار الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، أصبح من السهل نشر الأفكار والأنماط الحياتية التي قد تكون بعيدة عن قيم المجتمع الأردني، وقد يتم تقديم مفهوم "المساكنة" على أنه جزء من الحرية الشخصية أو التجربة الإنسانية، لكن، عندما يتحول هذا الطرح إلى تشجيع مباشر أو غير مباشر على الإباحية أو انتهاك القيم الاجتماعية، فإن ذلك يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
وفقًا للقانون، فإن كل من يساهم في نشر أو الترويج لمثل هذه المحتويات يمكن أن يتعرض للعقوبات المنصوص عليها، سواء كان ناشر المحتوى هو الشخص المروج نفسه أو من يتعاون معه في نشر هذا المحتوى أو دعمه.
وفي ظل هذه التحديات، تأتي أهمية التوعية بدور الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام في توجيه الشباب إلى القيم الصحيحة وتعزيز الوعي بمخاطر الإباحية الإلكترونية والترويج للسلوكيات المنحرفة، كما ينبغي على المجتمع بكافة مؤسساته أن يتكاتف لمواجهة هذه الظواهر السلبية من خلال نشر ثقافة المسؤولية الرقمية والالتزام بالأخلاق والقيم.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن التزام منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بالتعاون مع الجهات الرسمية لمراقبة المحتويات التي قد تتضمن ترويجها للإباحية أو المساس بالقيم المجتمعية هو أمر ضروري للحد من انتشار هذه الظواهر.
ومن هنا يمكن القول إن ترويج الإباحية تحت غطاء ما يسمى "المساكنة" هو ظاهرة تتعارض مع القيم الاجتماعية والدينية في الأردن، وقد أدرك المشرع خطورتها وأدرجها ضمن الجرائم الإلكترونية، ويبقى تطبيق القانون والتوعية المجتمعية هما السبيلان الفعّالان لحماية المجتمع الأردني من هذه الظواهر، وضمان الحفاظ على الأخلاق العامة والقيم الأسرية حتى يكون مجتمعنا محصناً من كل هذه الظواهر السلبية.. حمى الله الأردن.