facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فيلم "حياة الماعز" .. قصة واقعية أم ضرورة درامية؟


07-09-2024 12:11 PM

لعل الجدل الذي ثار مؤخراً دفعني، من بين أسباب أخرى، إلى مشاهدة فيلم "حياة الماعز" الهندي الذي يتناول معاناة العاملين الأجانب بشكل عام، والعاملين الهنود بشكل خاص، مع نظام الكفيل المطبق في المملكة العربية السعودية، وكوني أقمت في السعودية الشقيقة مدة تقترب من أربع سنوات، فإنني أستطيع أن أدلي بدلوي بهذا الخصوص من ناحية موضوعية، وليس دفاعاً عن السعودية الشقيقة التي أحببتها، وعاملني أهلها الكرام في كثير من الحالات أطيب معاملة.

وقبل تناول الإشكاليات الناشئة عن نظام الكفيل سالف الذكر، فإنني أود القول إن قصة الفيلم المستند إلى رواية "أيام الماعز" ربما تكون واقعية، أي أنها حدثت فعلاً، لكني أستبعد حدوثها خلال القرن الحالي، وأُرجّح حدوثها خلال القرن الماضي، ربما خلال العقدين الأخيرين منه. ولا بد أن نسجل إعجابنا هنا بمخرج الفيلم وطاقمه من الممثلين الذي قاموا بتأدية الأدوار بحرفية عالية جعلت المشاهد/ة يشعر أن الأحداث واقعة حقيقة، وليست تمثيلاً.

إن نظام الكفيل المطبق في السعودية الشقيقة يعطي الحق للكفيل (صاحب العمل)، سواء كان فرداً أو شركة أو مؤسسة عامة، بأن يبقي الشخص المكفول عنه (العامل) تحت إمرته، وأن يتحكم بكل ما يتعلق بتفاصيل عمله وحياته وتنقلاته أثناء إقامته في السعودية مع عدم قدرة العامل على تغيير جهة العمل دون موافقة الكفيل، وهو ما أدى إلى قيام بعض أصحاب العمل بالتعسف في استعمال الحق واستغلال العاملين والعاملات، ومعاملتهم معاملة سيئة، لكن تلك حالات فردية ولا يمكن تعميمها أو الحكم من خلالها على مؤسسات القطاع الخاص، ولا على الشعب السعودي الشقيق، ولا على الجهة الرسمية ذات العلاقة، وأقصد هنا وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، خاصة أن الوزارة المذكورة تقوم مشكورة على الدوام بإصدار التوجيهات والتعليمات لأصحاب العمل من أجل حثهم على الالتزام بأحكام نظام (قانون) العمل ولائحته التنفيذية تحت طائلة المسؤولية القانونية والجزاءات ذات الصلة في حالة مخالفة أحكام كل من النظام المذكور آنفاً ولائحته التنفيذية. ولا بد من الإشارة هنا إلى قيام الجهات الرسمية السعودية بإحداث تغييرات إيجابية على نظام الكفيل سالف الذكر ما يشمل إلغائه في بعض المهن وتقييده في مهن أخرى، ما يمنح العاملين، خاصة في القطاع الخاص، الحق بتغيير جهة العمل سواء بعد انتهاء مدة العقد أو عند الاستقالة. وعلى الرغم من اشتراط موافقة الكفيل إلا أن استخدام تلك الميزة من قبل الكفيل أصبح مقيداً، مع إعطاء الحق للعامل باللجوء لجهات الاختصاص ذات العلاقة عند رفض الكفيل مثل مكتب العمل، والمحكمة العمالية.

وأتذكر أثناء قيامي بالعمل في إحدى الجامعات السعودية الخاصة أثناء جائحة كورونا كيف كان يتم إيداع المخصصات المالية في موعدها دون إبطاء، ناهيك عن قيام إدارة الجامعة المذكورة مشكورة بالتعاقد مع شركة تعد من أفضل شركات التأمين الصحي في السعودية، إضافة إلى قيامها بعد انتهاء جائحة كورونا بتنظيم الرحلات للكادر الأكاديمي إلى مدن سياحية سعودية، وقيامها كذلك بتنظيم إفطار رمضاني للكادر الأكاديمي وعائلاتهم. وقيامها أيضاً بتغطية التكاليف المالية لتأشيرة الخروج والعودة لستة أشهر مع السماح للكادر الأكاديمي في تلك الجامعة بزيارة بلدانهم أو أية بلدان أخرى خلال العام الأكاديمي متى أرادوا دون الحاجة لأي إجراء إضافي. غير أن كل ذلك لا ينفي حقيقة العبء التدريسي الثقيل الذي كان يتعين على الأكاديميين تحمله خلال العام الدراسي في تلك الجامعة.

وبالمقابل، أفادني أحد الزملاء ممن عملوا في إحدى الجامعات العامة السعودية لسنوات أن الإجراء ذات العلاقة بالسفر للعاملين من الكادر الأكاديمي كان مختلفاً إلى حد كبير، خاصة أن دائرة الموارد البشرية في تلك الجامعة تقوم بالاحتفاظ بجوازات السفر لهؤلاء الأكاديميين مما يمنعهم من السفر دون الحصول على إذن مسبق من رئيس القسم، وعميد الكلية، ومن عميد شؤون أعضاء هيئة التدريس الذي تتبع له الدائرة الإدارية المذكورة آنفاً، ما كل ما يحمل ذلك من تعقيدات بيروقراطية. ولا ينحصر الاختلاف في الإجراء المتبع عند طلب الإجازة حسب كلام الزميل الفاضل المذكور، لا بل يمتد ليشمل التأخر في إيداع المخصصات المالية في بعض الحالات ربما لأشهر دون إبداء الأسباب، وطريقة حساب الإجازات السنوية المنصوص عليها في نظام العمل السعودي، وغيرها من المسائل ذات العلاقة. غير أن ذلك لا يمكن تعميمه بالطبع على الجامعات العامة كافة، وإنما هي حالات فردية وليست جماعية، ما يستدعي ضرورة قيام وزارة التعليم السعودية بتعزيز مراقبة الإجراءات المتبعة في كل من الجامعات الخاصة والحكومية على السواء لضمان التزامها بأحكام الأنظمة ذات العلاقة، والتعليمات الصادرة عن الوزارة المذكورة بهذا الخصوص.

خلاصة القول: إن الظروف القاسية التي يعانيها بعض العاملين في السعودية الشقيقة إنما مردها إلى سوء استخدام نظام الكفيل من قبل بعض أصحاب العمل ممن يقومون بتشغيل العاملين سخرة (عنوة)، ومع مخصصات مالية شهرية متواضعة، مما يدفع بعض هؤلاء العاملين الوافدين إلى السرقة من أجل الحصول على المال. وهذا يستدعي ضرورة تشديد الرقابة على أصحاب العمل، وفرض الجزاءات الرادعة بحقهم عند مخالفتهم لأحكام نظام العمل ساري المفعول. ولا بد للعاملين والعاملات من التعرف بشكل أكبر على حقوقهم، ما يشمل ظروف العمل، والمكافآت، والإجازات السنوية، وفاقاً لأحكام نظام العمل المذكور ولائحته التنفيذية، واللجوء إلى مكتب العمل، والمحكمة العمالية -عند الاقتضاء-، في حالة حدوث أية مخالفة نظامية (قانونية) من قبل أصحاب العمل بحقهم، خاصة أن السعودية الشقيقة تعد دولة مؤسسات راسخة وقوية تشكّل السلطة القضائية، ما يشمل المحاكم بشكل رئيس، عنصراً هاماً وفاعلاً فيها.

إن اللوم يجب أن يقع بشكل رئيس على بعض أصحاب العمل (الكفلاء) ممن فقدوا الحس الإنساني، والضمير الحي، والعقل المستنير في معاملتهم للعاملين والعاملات التي تشبه في بعض الحالات معاملة القطيع. غير إنه لا بد من التأكيد هنا مرة أخرى إلى أن تلك حالات فردية، كما أسلفنا، ولا يمكن القياس عليها أو تعميمها على أصحاب العمل كافة. ومن منظور عملي، أستطيع القول إن بعض أصحاب العمل يقومون بمراعاة احتياجات العاملين والعاملات النفسية، والصحية، والاجتماعية، والاقتصادية ما يعكس صورة طيبة عن السعودية الشقيقة التي أعتز بكوني عملت فيها لسنوات أضاءت عتمة السنين من جانب، وعن عظيم شمائل الشعب السعودي الشقيق الذي عرفت كرم أخلاقه وطيب أصله عن قرب من جانب آخر.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :