نحو فك ارتباط هيئة مكافحة الفساد برئاسة الوزراء
المحامي محمد الصبيحي
12-05-2011 05:18 AM
المفصل الضعيف في تركيبة هيئة مكافحة الفساد في نظر المواطنين أنها هيئة ترتبط برئيس الوزراء، الامر الذي يترك في مخيلة الناس أن أي رئيس وزراء قادر على توجيه الهيئة في اتجاه معين ومنعها من السير في اتجاه آخر.
ومع أن هذا (التخيل) مناف للحقيقة - على الاقل في الفترة الحالية – الا أنه مبرر للهجوم على الهيئة واضعاف دورها وكبح تحركها الفاعل نحو أوكار الفاسدين الذين لم يتركوا جهدا بطريقة مباشرة أو عبر مأجورين للتشكيك بعملها ومصداقيتها والتشويش عليها الا أتبعوه.
صحيح أن المادة الثالثة من قانون هيئة مكافحة الفساد نصت على أن ترتبط الهيئة برئيس الوزراء، ولكن قانونها عامل رئيس وأعضاء مجلس الهيئة معاملة رجال القضاء ومنحهم حصانة القضاة اذ نصت المادة 20 من قانون الهيئة على (باستثناء حالات التلبس بالجرم لا يجوز ملاحقة أو توقيف الرئيس أو عضو المجلس الا بعد الحصول على اذن مسبق من المجلس القضائي) وهي ذات الحصانة الممنوحة للقضاة في قانون استقلال القضاء.
ومن جهة أخرى فان قانون الهيئة منع رئيسها وأعضاءها من مزاولة أي عمل أو وظيفة أو مهنة أخرى،, ومنحهم صفة الضابطة العدلية وسلطة طلب المعلومات والبينات من (أي جهة كانت) تماما كسلطة قضاة النيابة العامة، بالإضافة الى ما نصت عليه المادة 14 من القانون وهو (ينتدب المجلس القضائي بناء على طلب الرئيس (رئيس الهيئة) عددا من المدعين العامين للهيئة لممارسة مهامهم وصلاحياتهم وفقا للتشريعات السارية المفعول) وبهذا فان التحقيق وإصدار قرار الاحالة الى المحاكمة أو منع المحاكمة تصدر من مدعين عامين منتدبين من الجهاز القضائي الى الهيئة.
اذن فان مبررات ارتباط الهيئة برئاسة الوزراء لا تمنحها أي قوة دفع في حين أن فك هذا الارتباط والحاق الهيئة بالمجلس القضائي يجعلانها بمنأى عن التشكيك بمصداقيتها ومصداقية الحكومة في مكافحة الفساد.
في حوار جريء مع مجموعة من الكتاب الصحفيين يوم الثلاثاء الماضي أشتكى رئيس الهيئة من حملة التشكيك المدفوعة الثمن التي يمولها بعض الفاسدين ضد الهيئة، وقلنا لمعاليه أن الهيئة مكلفة بمحاربة اغتيال الشخصية فكيف وهم يحاولون اغتيال شخصية رئيسها وأعضائها، وطالبنا معاليه بكشف أسماء المتسلقين على شجرة الاعلام الاردني وقبضوا للهجوم على الهيئة والتشكيك بعملها، الا أنه ترفع عن كشفهم مضيفا أن الرسالة وصلتهم..
بالمقابل فان حجم الفساد الاداري والمالي الذي تحدث عنه معالي رئيس الهيئة في كل بلديات المملكة يحتاج الى عدد من المحققين المحترفين ولا يمكن لخمسة وعشرين محققا العاملين في الهيئة الان إنجازه, ويكفي للدلالة على مدى الفلتان الاداري في البلديات أنه ورغم قرار مجلس الوزراء بوقف التعيينات فان عدد المعينين في البلديات بعد قرار الحكومة بلغ 1800 موظف , وعما قريب سيبدأون المطالبة برواتبهم وزيادات عليها.
نقول أن هيئة مكافحة الفساد هيئة وطنية متميزة في الاهداف والاداء ولكن في ظل قانون محاكمة الوزراء الذي أخرج التحقيق مع الوزراء ومحاكمتهم من سلطتها وسلطة القضاء، وفي ظل حصانة النواب والقضاة من التحقيق فان كل قيادات الصف الاول في الدولة بمنأى عن المحاسبة فكيف يمكن اقناع الناس بأن القانون وضع لكل المواطنين وليس من أجل التطبيق على الضعفاء ؟؟
لابد من الغاء قانون محاكمة الوزراء و ورفع الحصانة عن النواب أمام القضاء وربط هيئة مكافحة الفساد بالمجلس القضائي حتى لانترك لأحد حجة في جدية الاصلاح ومحاربة الفساد.
وأخير أنقل لكم ما قاله لي أحد الشباب معقبا على المجهودات الجبارة للهيئة رئيسا وأعضاء اذ قال (بينو الله يعينو).
m.sbaihi@hotmail.com
(الرأي)