لم يفصح سياسي عن قناعته وتوجهه كما فعلت حينما أطلقت لاءاتك، إذا، تحمل ما يتحمل الشجعان، واصمد كما صمد ابوك وجدك، تعتقد اننا نتخلى عنك؟ او نكشف ظهرك؟ او نطعنك؟ لا والذي خلقك لا نفعل، والله لم أجد ما أقوله لك الا ما قاله سعد لجدك والمثل الأعلى للرسول ثم لسعد، يوم ان احمرَّ الحدق وبلغت القلوب الحناجر:
اذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أشيروا عليَّ أيها النَّاس -وإنَّما يريد الأنصار-؛ وذلك أنَّهم كانوا عدد النَّاس، وذلك أنَّهم حين بايعوه بالعقبة، قالوا: يا رسول الله، إنَّا برآء من ذمامك حتى تصل إلى دارنا، فإذا وصلت إلينا فأنت في ذممنا، نمنعك ممَّا نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوَّف ألَّا تكون الأنصار ترى عليها نصرته إلَّا ممَّن دَهَمه بالمدينة من عدوِّه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدوٍّ من بلادهم، فلمَّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، قال له سعد بن معاذ: والله لكأنَّك تريدنا يا رسول الله؟ قال: أجل. قال: فقد آمنَّا بك، وصدَّقناك، وشهدنا أنَّ ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السَّمع والطَّاعة، فامض يا رسول الله لما أمرك الله. فوالذي بعثك بالحقِّ، إن استعرضت بنا هذا البحر، فخضته لخضناه معك، ما يتخلَّف منَّا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوَّنا غدًا، إنَّا لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ عند اللِّقاء، ولعلَّ الله يريك منَّا ما تقرُّ به عينك، فسِر بنا على بركة الله. فسُرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول سعد، ونشَّطه ذلك، ثمَّ قال: سيروا على بركة الله وأبشروا، فإنَّ الله قد وعدني إحدى الطَّائفتين، والله لكأنِّي الآن أنظر إلى مصارع القوم).
أيسرك ان تسمع منا ما سمعه جدك من سعد، ان كان كذلك، فإننا في ذمتك، وأنت في ذممنا، فاهجر هذه الوجوه العابسة، وأطبق عليهم بليل، وأسمعنا في الفاسدين خبرا، فإنهم جدار مائل، لا يستند إليهم عاقل، انهم تجار القضايا والصدفة، ونحن تجار بضاعتنا الصدق والشهامة، ولن نعطي في شيبتك عدوا، وابنك اخونا، وسيدنا، أطبق على الفاسدين أيها الملك، ولن نخذلك.
هاجر الينا، فإننا "لصُبُرٌ في الحرب، صُدُقٌ عند اللِّقاء، ولعلَّ الله يريك منَّا ما تقرُّ به عينك"، شيبتك ستشهد مصارع القوم، فهاجر الينا، ارجوك.
ابناؤك الاردنيون ما زالوا هناك، على ثغور الوطن، يراقبون الأفاعي ويرصدونها، عين الوطن الساهرة نحن أبناء الاردن، أسود الوغى أبناء الاردن، سادات الأرض أبناء الاردن، حماة العرض أبناء الاردن.
تظن الطغمة الفاسدة أنّا لا نميز بين خوان وثائر، تظن أنا بائدون ومعدمون من تراث سيدنا ومولانا الشهيد وصفي، وعقيد فرسان الوطن هزاع وصوت الأرض موفق وهدير السماء فراس؟ كلا والذي أولاك ملكا، كلا وحق الاردنيات الماجدات وحق من خلق الحرائر، أنَّا على الحرب شجعان وفي الميادين العداة على المصائر، نجوم يهتدي بها كل من تاه، ويلجأ اليها كل من طُرد.
يا أيها الشعب الأردني العظيم، يا سادات المشهد، إن الوطن مستهدف يومكم هذا، وإن المخطط أن يثور الناس، وهذا ما أراد لنا صانع القرار الدولي من يوم أن قام الأردن، فانظروا رأيكم.
أقول إن القوم قد تآلفوا على تفجير المشهد، ولا راد لهم عن تنفيذ مخططهم الا مؤتمر وطني شامل ينجب هيئة بيعة، ليس فيها أحد من الفسدة، للتواضع على ميثاق وطني يعيدنا الى الاردن، إنني والله لكم ناصح أمين، اعصبوها برأسي وقولوا جبان، قولوا منافق، قولوا ما شئتم، وإني والله لست بشرِّكم ولا أجبنكم، لنلتزم الملك، فإن امتنع فالله شاهد علينا وعليه وإن أجاب نسمع منه ونلقي اليه بالمودة، نمنعه مما نمنع منه أنفسنا واهلينا، نجيره ويجيرنا.
أما الآن وحتى يأذن الله بما يشاء فإنني أمد يدي؛ فابسط يدك يا عبد الله الثاني، فقد حان وقت البيعة، بيعة الدم والأرض والعرض، بيعة النهار والليل، بيعة الرجال الذين لا تلين قناتهم ولا يهتز عودهم ولا يغدرون، ابسط يدك، كن سيدا فإنني سيد ويدي ممدودة اليك، أبايع الهاشميين ما لم يناصروا فاسدا، أو يجيروا ظالما أو يحملوا دما أو يظاهروا على الاردنيين عدوا، ابايعهم ما داموا "إذَا اسْتُرْحِمُوا رَحِمُوا وَإِذَا عَاهَدُوا وَفَوْا وَإِذَا حَكَمُوا عَدَلُوا، عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَلا أنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ أقُومَ بِالْحَقِّ حَيْثُ مَا كُنت، لا أخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمٍ".
إن شئت أيها الملك أن تنفض عن وجه الوطن هذه الغمة وعن شيبتك الكريمة هذه الحمل، وتقيل هذه الطغمة وتحل هذه العصبة ويستقيم أمرنا وأمرك على شرط السيد على السادة؛ فقد حان وقت البيعة.
هذه بيعتي.. فابق أبا الحسين على لاءاتك، ولن نخذلك..