بموافقة قادة دول الخليج العربي على انضمام الاردن والمغرب الى مجلس التعاون الخليجي, يكون محور الاعتدال العربي قد انتقل الى مرحلة جديدة املتها الظروف والمستجدات في الاقليم بحيث اصبح النظر الى اي مشكلة في دول الجوار الجغرافي او السياسي وكأنها مشكلة داخلية وليست اقليمية, فسقوط الانظمة لم يعد قضية خاصة بل قضية عامة تعني المجاورين في بعديها السياسي والامني.
وليس سرا القول بان التطورات الداخلية في الاقليم والاطماع الخارجية قد املت تفكيرا خليجيا جديدا للبحث عن البعد الاستراتيجي في اية علاقة , وهذا بدا واضحا في خطة المجلس لمساعدة البحرين وعمان اقتصاديا بعد الاضطربات الداخلية هناك ومحاولات التوسط بين طرفي الازمة في اليمن لان حماية الجيران جزء من الامن الوطني .
والمبرر الاول للانفتاح الخليجي هو البحث عن عمق استراتيجي عربي ( ارض وانسان) يمكن ان يدعم دول المجلس في اي نهضة اقتصادية او مواجهة عسكرية قد تقع, فالعمالة الاسيوية في دول الخليج اصبحت عبئا سياسيا وامنيا قبل ان تكون عبئا اقتصاديا , لان بعض الدول اختلت فيها المعادلة الديمغرافية, ولا يمكن للعمالة الاسيوية ان تكون جزءا من منظومة السلامة الوطنية, ومن هنا جاء المبرر الثاني في دعم الاردن ومساعدته اقتصاديا لتجاوز ازمته الاقتصادية لان الاردن القوي هو سند لاشقائه العرب.
وتحت هذا البند يمكن ان تندرج خطة مساعدات مالية مباشرة لدعم مشاريع تنموية في البلدين إضافة الى خطة تتمثل في فتح باب الاستقدام امام الايدي العاملة الاردنية والمغربية , لتكون شريكا اقتصاديا واجتماعيا يخف الاعتماد على العمالة الاسيوية التي تمتص سنويا من اقتصاديات دول الخليج حوالي مئة مليار من العملة الصعبة سنويا, وكذلك فتح الاسواق الخليجية امام المنتجات الاردنية والمغربية وزيادة التبادل التجاري والسياحي.
ان منطق العصر الراهن اعاد بناء العلاقات الدولية على قاعدة المصالح والمنافع المتبادلة وليس على قاعدة العواطف و"الصدقة الجارية" وهذا حتم إعادة بناء منظومات التعاون الاقليمي بما يستجيب ومفهوم الامن الوطني الجديد بعيدا عن القواعد الخشبية في العلاقات بين الدول.
والمعروف ان الاردن كان من اوائل الدول العربية التي ساهمت في عمران ونهضة دول الخليج عبر الخبراء المدنيين والعسكريين منذ خمسينيات القرن الماضي وساهم خبراؤه في وضع اللبنات الاساسية في الادارة والتعليم والاقتصاد والامن, وما زال الاردن قيادة وشعبا اقرب الى قيادات دول الخليج وشعبها فكرا وموقفا.
ان دخول الاردن الى مجلس التعاون الخليجي فيه فائدة للطرفين فهو يعطي سندا حقيقيا وعمقا استراتيجيا لدول الخليج العربي وفي المقابل يجني الاردن مكاسب اقتصادية نتيجة ربطه في منطقة الخليج ذات الاهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة وحلف الناتو.
nghishano@yahoo.com
(العرب اليوم)