facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




فرصنا الضائعة: بطالة الشباب الأردني بين الوعود والواقع


د. أشرف الراعي
07-09-2024 12:29 AM

يعيش الشباب الأردني اليوم وسط أزمة بطالة متفاقمة باتت تؤرق الجميع، من أسر وأفراد، وصولا إلى صنّاع القرار الاقتصادي؛ إذ تتوالى الأعوام، وتزداد التحديات، بينما الوعود الحكومية لخلق فرص عمل حقيقية ومستدامة تبقى حبيسة الورق والخطابات، دون ترجمة عملية على أرض الواقع مما يضعنا أمام أزمة تتطلب رؤية شاملة، وعزيمة للتغيير الحقيقي.

فالأرقام تشير إلى أن نسبة البطالة في وطننا وصلت إلى مستويات مرتفعة تتجاوز 20% بين الشباب، وهي نسبة تعكس ضعف القطاعات الاقتصادية في استيعاب الطاقات المتجددة للشباب المتعلم والخريجين الجامعيين، ومن هنا فإن التحدي لا يكمن فقط في توفير فرص عمل، بل في ضمان أن تكون هذه الفرص مستدامة وتتناسب مع المؤهلات المتاحة والتطلعات المشروعة لجيل يطمح لحياة كريمة.

وبالطبع، فالأزمة متعددة الأوجه؛ فمن جهة نرى عدم توافق بين مخرجات التعليم وسوق العمل، ومن جهة أخرى نجد أن القطاع الخاص يعاني من محدودية القدرة على توظيف عدد كبير من الشباب في ظل الركود الاقتصادي، أما القطاع العام، فغالباً ما يُعتبر مكتفياً، وغير قادر على استيعاب المزيد من الوظائف في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة لا سيما بعد جائحة كورونا.

ومنذ سنوات، نسمع تصريحات حكومية متكررة حول خطط طموحة لخلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي، وهي خطط تعتمد في جوهرها على مشروعات ضخمة أو استثمارات إقليمية، لكن على أرض الواقع، نجد أن التنفيذ يعاني من تباطؤ واضح، وهنا يبقى السؤال المطروح بين أوساط الشباب: أين تكمن العقبات التي تحول دون تحقيق هذه الوعود؟

إن الإجابة قد تكون في غياب التكامل بين القطاعات المختلفة، وضعف التخطيط طويل الأجل الذي يركز على الاستدامة؛ فالمشاريع الاقتصادية يجب أن تكون شاملة، ترتكز على تطوير البنية التحتية للتعليم والتدريب المهني، والتوسع في القطاعات الحيوية مثل التكنولوجيا، والطاقة المتجددة، والصناعة، والسياحة، وهي القطاعات التي لديها الإمكانيات لخلق فرص عمل جديدة ومستدامة.

كما أن التحدي الأكبر الذي يواجه الشباب الأردني اليوم هو عدم التوافق بين التعليم وسوق العمل، كما أشرنا؛ فالجامعات والمدارس المهنية تخرج آلاف الشباب دون أن تكون هناك رؤية واضحة حول كيفية توظيف تلك المهارات والمؤهلات، وفي المقابل، يعاني سوق العمل من نقص في العمالة الماهرة التي تحتاجها الصناعات الناشئة والقطاعات التكنولوجية.

إن أول خطوة لا بد من الالتفات لها هي أن التعليم في الأردن بحاجة إلى إصلاح جذري يركز على المهارات التطبيقية، والابتكار، وريادة الأعمال؛ إذ يجب أن تكون هناك شراكة حقيقية بين الجامعات وقطاع الأعمال لضمان أن يكون الخريجون جاهزين لتلبية متطلبات سوق العمل المتغير بسرعة، كما يجب أن يكون هناك تركيز أكبر على التدريب المهني والمهارات التقنية، حيث أظهرت الدراسات أن تلك المجالات لديها القدرة على استيعاب عدد أكبر من العاملين وتحقيق النمو الاقتصادي.

كما أن أحد الحلول الممكنة لمواجهة البطالة يكمن في تشجيع ريادة الأعمال وتقديم الدعم اللازم للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، فهذه المشاريع تشكل العمود الفقري للاقتصاد الأردني، وتمثل فرصة حقيقية لخلق وظائف جديدة وتحفيز الابتكار، ولكن، لتحقيق النجاح في هذا المجال، يجب أن يكون هناك بيئة محفزة، تشمل تخفيف الأعباء الضريبية وتقديم التسهيلات المالية والتدريبية للشباب.

كما يتوجب على الحكومة أن تلعب دورا أكثر فعالية في دعم هذه المشاريع من خلال وضع سياسات تشجيعية توفر البيئة المناسبة لرواد الأعمال للنمو والابتكار؛ فبإمكان الشباب الأردني أن يكون محركا اقتصاديا قويا إذا تم تزويده بالموارد والتوجيهات اللازمة لبدء مشاريعه الخاصة.

ورغم هذه التحديات، ما زالت هناك فرص يمكن استغلالها إذا تم التركيز على جذب الاستثمارات في القطاعات الحيوية، وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية؛ فبلدنا يمتلك موقعا استراتيجيا يؤهله ليكون مركزا إقليميا للعديد من الصناعات، إذا تم توفير البيئة المناسبة لجذب تلك الاستثمارات.

وبالتالي، فإن الأمل في حل أزمة البطالة يكمن في ضرورة تضافر الجهود بين الحكومة، والقطاع الخاص، والمؤسسات التعليمية من خلال رؤية شاملة تتعامل مع البطالة ليس فقط كأزمة مؤقتة، بل كجزء من استراتيجية وطنية لتطوير الاقتصاد وتمكين الشباب، وإلا سنبقى في دوامة من الوعود الضائعة والفرص غير المستغلة، ففرصنا الضائعة اليوم قد تكون هي الأمل لمستقبل أكثر إشراقا ولكن بشرط أن نعمل على تحقيق الإصلاح والتغيير المنشود.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :