الناخب الأردني .. بين النمطية والسلوكيات المشوهة
حاتم القرعان
05-09-2024 05:26 PM
في المشهد الانتخابي الأردني، تتبدى صورة مقلقة تعكس جوانب مظلمة من سلوكيات الناخبين والممارسات التي تحيط بالعملية الانتخابية. أصبح من الواضح أن بعض الحملات الانتخابية تعمد إلى استخدام أساليب غير أخلاقية لجذب الأصوات، مما يساهم في تشويه الصورة الحقيقية للناخب الأردني ويضعه في إطار سلبي لا يتماشى مع القيم والتقاليد التي يمتاز بها المجتمع الأردني.
تظهر بعض الحملات الانتخابية بأسلوب يوحي بأن الناخب الأردني رخيص ويستجيب لمظاهر التبذير والإغراءات المالية. فقد لوحظ استخدام الولائم الضخمة والحلويات الفاخرة في المقرات الانتخابية، مما يرسخ فكرة أن التصويت يمكن شراؤه بالمال والطعام. هذه الممارسات لا تعكس فقط استهانة بحقيقة الناخب الأردني، بل تعكس أيضاً سلوكيات غير أخلاقية تؤدي إلى تشويه سمعة المجتمع الأردني.
إن السؤال الذي يطرح نفسه هو: من المسؤول عن هذه التصرفات؟ وأين دور الرقابة من الهيئة المستقلة للانتخاب في مواجهة هذه الممارسات؟ في الواقع، فإن الهيئة المستقلة للانتخاب تتحمل مسؤولية كبيرة في ضمان نزاهة الانتخابات ومنع استخدام المال الأسود والإغراءات كوسيلة للتأثير على النتائج. ومع ذلك، يبدو أن هناك نقصاً في الرقابة الفعالة والتطبيق الصارم للقوانين التي تحظر مثل هذه الأساليب.
كذلك، يتعين على التشريع القانوني أن يلعب دوراً محورياً في تنظيم العملية الانتخابية وضمان الشفافية والنزاهة. فقد أظهرت القوانين الحالية بعض الثغرات التي تستغلها الحملات الانتخابية لتقديم الإغراءات المادية، مما يتطلب مراجعة وتشديد القوانين لتفادي هذه المشكلات.
من أوصلنا إلى هذه الحالة؟ إن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق الحملات الانتخابية والممارسات غير الأخلاقية، بل تشمل أيضاً ضعف الرقابة والتشريع الذي لم يواكب تطورات المشهد الانتخابي. كما أن غياب الوعي بين الناخبين حول أهمية النزاهة في التصويت يساهم في تفشي هذه الظواهر.
فيما يخص نظرة الدول الغربية إلى هذه الممارسات، فإنها تُعتبر غير مقبولة وتشكل انتهاكاً لقيم النزاهة والشفافية التي تحكم العمليات الانتخابية في تلك الدول. الغرب ينظر إلى مثل هذه الممارسات باعتبارها تهديداً للديمقراطية ويؤكد على أهمية تعزيز الأنظمة الرقابية والقانونية لضمان نزاهة الانتخابات.
في نهاية المطاف، يتعين على المجتمع الأردني أن يعي خطورة هذه الممارسات وأن يسعى إلى تعزيز قيم النزاهة والشفافية في العملية الانتخابية. يجب على الناخبين أن يتحلوا بالوعي الكافي لرفض مثل هذه الأساليب التي تهدد القيم الأخلاقية والاجتماعية للمجتمع، والعمل على تعزيز سلوكيات تعكس القيم الحقيقية للمجتمع الأردني الذي يشتهر بالجود والكرم والثبات على المبادئ.
حفظ الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك عبدالله الثّاني بن الحسين وولي عهده الأمين.