قد يستغرب البعض أنني لم أكن راغبا في الكتابة منذ بداية العام. و الأغرب أنني أقرأ المستقبل بين صفحات الفشل لحكومة " الفقاعات السياسية ". و أتمنى أن قراءتي المستقبلية تكون ميتة و خاطئة لان ذلك يعني الكثير لي و لغيري لو كان حدسي صحيحا. المشكلة أن كل الشواهد و القراءات تأكد صحة ما اقرأه بين السطور.عندما كلف الملك حكومة الدكتور البخيت بالتشكيل وقت تفجيرات الفنادق الأردنية أسميناها " حكومة إعادة الاستقرار الأمني "، و التي اعتبر نفسي أكثر الناس مؤيدين لها لان الأردن الأمني مفتاح الأردن الاقتصادي الناجح.
و لكن بعد فترة بات واضحا لكل من راهن على نجاح الحكومة أنهم كانوا مخطئين في تحديد دفة مستقبل البلاد تحت أياديها و كانوا مندفعين تحت وطأة " الفزعة" لنجدة البلاد من الإرهاب، و توقف الجميع عند الإرهاب و تناسوا الاقتصاد و الإدارة الحكومية لدولة على مشارف القرن العشرين إلى الحد الذي دفع برئيسة تحرير جريدة إنجليزية تصدر في الأردن إلى وصف الحكومة بأنها " حكومة الرجل الخشبية الواحدة" و حددت مشكلة الأردن في البحث عن " رئيس حكومة" بعد أن استهلك الأردن مخزونة من وزراء المناسف ورؤساء وزراء سابقين لعبت الصدفة وحدها لدى البعض منهم في تبوء المركز الأول في السلطة التنفيذية.
أن مقالات الكتاب في الجرائد الأردنية خلال الأسبوعين الماضيين هي مؤشر على قرب خروج الحكومة من السلطة.
لقد وجد البعض في حكومة البخيت عدم تجانس في الطاقم الوزاري من حيث الفكر السياسي و الطيف الإداري، و بدا و كأنها حكومة شكلت بطريقة مستعجلة نابعة من غياب خبرة سياسية محنكة، معتمدة على فكر رئيس أوحد بعقلية أمنية بحتة تختلف عن مراحل سابقة، و بالتالي كانت النتيجة ارتفاع أسعار و تدني خدمات وتعيينات في غير مكانها ووزراء غير قادرين، و كأن المنظر العام للحكومة هي "الاسترضاء للبقاء".
اشهر حكم السلطة التنفيذية، كما لم يتوقع العديد تؤشر إلى أن الحكومة بمجملها، بغض النظر عن بعض إنجازات فردية لوزراء دون غيرهم، كانت بطيئة و ذهب البعض إلى وصفها بأنها اشهر سيئة. و كانت الحكومة دوما بحاجة إلى جرس إنذار يوقظها من سباتها أمام مواقف تعرضت لها الدولة ابسطها قضية الثلج تليها رواتب الموظفين فالتعيينات، أما الطامة الأكبر فهي الأموال الاستثمارية التي أتت للأردن دون أي مجهود نتيجة طفرة في الخليج مالية انعكست على الأردن و لا فضل لأحد على اجتذابها إليه و كان بالا مكان أن تكون الاستثمارات مضاعفة لو أحسنت الدراسات و طرق العرض.
يعتقد البعض، من خلال متابعتهم لحركات و أداء الحكومة، أنها بالون فارغ و تتجه بالبلاد إلى حالة " لا توازن"، دفع بالعديد من الإعلاميين و السياسيين المطالبة برحيلها عبر مقالات صريحة و أخرى مبطنة، فلم يعد مقبولا التجربة و الخطأ في الأداء، و لا يعفي الرئيس و طاقمه الوزاري من المسؤولية انه يقدم الاعتذار( بأدب شديد) عما يحدث أو الاعتراف بالخطاء و التقصير عندما يقع.
و يرى آخرون أن مجرد شعبية الحكومة وقت تشكيلها كان خطأ فادحا، لان الغطاء السياسي انكشف أمام الاسترخاء الأمني الذي أدى وقتها إلى تفجيرات الفنادق الأردنية في العاصمة، و الذي انعكس اليوم في حالة الأمن القوي و المستقر في مواجهة حكومة ضعيفة سياسيا.
و يرى بعض المحللين السياسيين، إيقاف التدهور لن يتم إلا برحيل الحكومة الحالية عن مسرح العمل السياسي، حتى و أن كانت قضية من يرأس الحكومة هي مثار جدل في الساحة الأردنية.
إشارات رحيل الحكومة متشابكة و متداخلة. التضخم خلف الابواب لو طفرة نفطية هبت هبة الرياح فعمت أجزاء متطايرة من المنطقة، و لكن المحللون الاقتصاديون يقرأ ؤون تراجع الاقتصاد و منهم من يرى أن الاقتصاد لم يحقق المطلوب في زمن الطفرة.
في النهاية فأن الجميع يرى أن الحكومة ليست عظيمة و أنها أسيرة التمديد بأي ثمن، حتى و أن كان الثمن تعاسة اقتصادية قادمة كالعاصفة.
أن الأردن قادر بسواعد ابنائه على تشكيل حكومات ليست أردنية فقط و إنما عالمية و قضية اختيار الرئيس الجديد لا بد و أن تشير إلى اقتصاد قوي مستمر و متفاعل. لذا فالنصيحة للحكومة أن تستقيل قبل أن تقال فيقال لها " باي باي"!!!.
و اقصد هنا أنني كنت قد أشرت في مقالات سابقة إلى ضرورة وجود نموذج سياسي جديد تكون الحكومة فيه ذات برامج لا شخوص، و تجمع بين الأمن و الاقتصاد، و تستمع إلى نبض الشارع السياسي لا تنجر خلفه، و تقرأ الحالة الأمنية جيدا وتعرف حدودها، و تحترم رأي النواب و البرلمان و لا تصبح أسيرة لرغباته.
حكومة ذات رؤية قيادية تحلم بأردن جديد و تحقق الحلم.
aftoukan@hotmail.com