facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




دور مفاعلات البحوث في خدمة الإنسان والمجتمع


الأستاذ الدكتور خليفه ابوسليم
04-09-2024 04:15 PM

تنقسم المفاعلات النووية الى قسمين رئيسين: الأول المفاعلات المنتجة للطاقة الكهربائية النووية وتسمى مفاعلات الطاقة اختصاراً. اما النوع الثاني فهو المفاعلات غير المنتجة للطاقة الكهربائية والتي تبنى لتحقيق هدف او مجموعة من الأهداف مثل البحث العلمي والتدريب وإنتاج النظائر المشعة المستخدمة في مجالات متعدة...الخ. لابد من التنويه الى انه لايمكن التحويل بين النوعين من المفاعلات حيث ان القدرة والتصميم والبناء وظروف التشغيل مختلفة تماما بينهما. الشئ المشترك بينهما ان آلية العمل تعتمد على إنشطار الوقود النووي والذي ينتج طاقة حرارية إضافة الى المجموعات النيوترونية. فأما مفاعلات الطاقة فتستغل الحرارة الناتجة عن الإنشطار النووي في عملها بينما المفاعلات الأخرى فتستخدم النيوترونات الناتجة من الإنشطار لتحقيق هدفها.

في مقالتي هذه سأعمل على بيان اهمية المفاعلات متعددة الأغراض، باستثناء اغراض انتاج الطاقة، في خدمة الإنسان والمجتمع وذلك بشكل مختصر، واعطي امثلة على ذلك علما بأنه لايمكن حصر جميع الإستخدامات الممكنة في مقالة واحدة. على ان المعرفة المسبقة بهدف المفاعل يحدد كيفية تصميمه وبنائه من حيث القدرة والأجهزة والمنشآت والملحقات التي لابد من توافرها لتحقيق الهدف. يمكن استخدام المفاعل، والذي يعتبر مصدرا نيوترونيا في الغالب، باستغلال مناطق محددة في قلب المفاعل والذي يحتوي على نيوترونات بطاقات وبكثافات متعددة تبعا للتصميم الهندسي للقلب. ايضاً، يمكن سحب النيوترونات من القلب بواسطة خطوط الإنتاج، الى تجهيزات ومنشآت خارج قلب المفاعل او حتى خارج المبنى الذي يحتوي القلب.

لابد من تحديد الهدف اوالأهداف من بناء وتشغيل المفاعل والتي يمكن ان تخدم طيفا واسعا من العناوين العريضة مثل:

- التعليم والتدريب والبحث العلمي في مجالات العلوم والهندسة وكذلك في الإستخدامات المختلفة للمفاعلات مثل الزراعة والمياه والطب والصناعة...الخ.

- انتاج النظائر المشعة التي يمكن ان تستخدم في التشخيص الطبي والعلاج النووي، والتصوير الصناعي...الخ.

- عمليات التحليل المادي/العناصري بمايعرف بتقنية التحليل بالتنشيط النيوتروني والمستخدم على نطاق واسع في القطاعات الإنتاجية المختلفة والأمن والجريمة...الخ.

- انتاج اشباه الموصلات المستخدمة في الصناعة الإلكترونية بواسطة الغرز النيوتروني.

- انتاج الأحجار الكريمة الصناعية بواسطة التشعيع النيوتروني.

- سحب النيوترونات بواسطة مايعرف بخطوط الإنتاج النيوتروني الى منشآت خارج المفاعل وذلك لأهداف محددة مثل اجراء التجارب والبحث العلمي والتصوير النيوتروني والحيود النيوتروني لدراسة التركيب الذري والجزيئي للمواد.

سأورد في هذه المقالة بعض الأمثلة، لا الحصر، على اهمية مفاعلات البحوث في الخدمة المجتمعية ووسائل استخدامها في العلوم التجريبية والتطبيقية:

علوم المواد: مثل علوم الحياة، التكنولوجيا الحيوية، العلوم الصيدلانية، البروتينات، التركيب البلوري للمادة. على ان معرفة التركيب المادي يمكن يفيد في معرفة كيفية استجابة المادة للمؤثرات الخارجية مثل الإجهاد، والكهرباء والحرارة والضغط، ويمكّن من انتاج وتشكيل مواد جديدة وبأشكال وصفات مختلفة مثل المبلمرات او المواد البلاستيكية. وكذلك يتيح المجال لدراسة الخصائص الكهربائية والمغناطيسية للمواد الموصلة وفائقية الموصلية

الهندسة الصناعية: تساعد البحوث باستخدام التشتت النيوتروني في تطوير وتحسين الجودة في الصناعات الثقيلة مثل صناعة الأنابيب للبترول والغاز والمياه...الخ، وصناعة الطيران حيث لاتخفى اهمية فحص المواد الداخلة في تلك الصناعات. لابد من الدلالة على تلك الأهمية بالمشاكل التي تواجهها طائرة البوينغ 737-ماكس. بهذا الخصوص يمكن ان تؤدي المفاعلات دورا مهما في دراسة اوجه الأمان المختلفة للمنشآت ومكوناتها

علوم الكيمياء: تخدم المفاعلات البحثية علم الكيمياء بشكل فعًال، فعلى سبيل المثال دراسات التركيب الجزيئي للمواد باستخدام التشتت النيوتروني خاصة المواد البتروكيماوية مثل الزيوت والدهانات. وكذلك تطوير مواد جديدة ذات صفات محددة مثل زيوت المحركات والشامبو والدهانات وكذلك العديد من المواد الداخلة في الحياة اليومية

العلوم الطبية والحياتية: مثل الصيدلانيات المعتمدة على النظائر الطبية المشعة المستخدمة في التشخيص والعلاج الطبي. كذلك علم الأوبئة الذي يتعلق بدراسات الأنماط وطرق الإنتشار للأمراض يمكن له ان يستفيد من البحوث النووية باستنباط طرق منع والحد من انتشار الأمراض. لابد من الإشارة كذلك الى البحوث المتعلقة بعلاج بعض الأمراض السرطانية عن طريق حقن المريض بمادة البورون.

بهذا الخصوص، يمكن بناء عيادة طبية متكاملة على احد خطوط الإنتاج النيوتروني لحقن المريض بنظير البورون وتعريضه للحزمة النيوترونية. بهذه الطريقة يمكن انتاج البورون المشع داخل جسم المريض حيث تدمر الإشعاعات الصادرة عن البورون الخلايا المريضة
دراسات العناصر والثروات الطبيعية: البحث عن الثروات الطبيعية وتحديد الكميات والتراكيز وتوزيعها مثل عنصر النحاس حيث تمكٌن تقنية التحليل بالتنشيط النيوتروني من إعطاء تقييم مناسب لهذا العنصر من حيث دقة التركيز والتجانس والكميات المتوفرة ويمكن مقارنة هذا التقييم مع دراسات تقنيات اخرى لبناء قاعدة بيانات بهدف الإستخراج والإستغلال

دراسات المواد السامة والعناصر النادرة في الطحالب: مثل عناصر الزئبق والرصاص والنيكل...الخ، ويمكن مقارنة ذلك مع الدراسات البيولوجية الأخرى. لابد من الإشارة بهذا الخصوص الى ان الوكالة الدولية للطاقة الذرية توفر مصادر معيارية حيث اثبتت التقنية النووية موثوقية عالية في تحديد نسب العناصر الثقيلة في العينات المقاسة. جدير ذكره ان نسبة تواجد العناصرالثقيلة في الطحالب يعتمد على الظروف البيئية المحيطة حيث تعتبر المواد الداخلة في الطحالب مؤشرا مهما على التلوث المائي

مراقبة التلوث الهوائي: حيث يمكن استخدام التقنية النووية كإجراء روتيني لإيجاد مصادر التلوث البيئي خاصة في المناطق السكنية. ويمكن ايضا استخدام المصادر المعيارية لضبط جودة ودقة القياسات

تحديد العناصر النادرة في الرسوبيات: لدراسة التلوث والظروف البيئية وتحديد العناصر المتواجدة وتراكيزها في ترسبات الأنهار والمياه الجوفية والبحرية. ويمكن ايضا استخدام المصادر المعيارية لضبط الدقة والجودة، وكذلك يمكن المقارنة مع نتائج مختبرات اخرى
الدراسات الصحية وصناعة الأسمدة: يمكن ان تشمل هذه الدراسات الصحة المهنية للعاملين في مصانع الأسمدة الفوسفاتية، ويمكن ان تشمل تتبع التغيرات الحادثة في جسم العامل مثل الشعر والأظافر والبول...الخ. هنا يمكن ايجاد علاقة بين تراكيز العناصر الملوثة الثقيلة مثل النيكل والزنك والعناصر النادرة والعناصر الأكتينية وأماكن العمل

الصناعات الإلكترونية والنانوية: تتميز المفاعلات باحتوائها على نيوترونات حرارية تستطيع التفاعل مع مادة السيليكون، اساس الصناعة الإلكترونية، حيث تتحول بعض ذرات السيليكون الى نظير الفسفور وبالتالي تتشكل المادة الداخلة في الصناعات الإلكترونية. ولا يخفى على احد اهمية اشباه الموصلات في الصناعة وحجم التجارة العالمية في هذا المجال، فهي تدخل في صناعة السيارات، والقطارات، والإلكترونيات واجهزة التوزيع والتحويل وتخزين الطاقة مثل المقاومات والمقومات والترانزستورات...الخ. يعتبر التطعيم النيوتروني باستخدام المفاعلات المتوسطة والعالية القدرة من المجالات الأساسية لطرق الإستفادة من المفاعلات حيث تتجاوز الحاجة السنوية للعالم من الرقائق الإلكترونية المشععة اكثر من 100 طن بمالايقل عن 120 مليون دولار. وتأخذ هذه الحاجة اتجاها تصاعديا خاصة مع دخول الذكاء الصناعي والنانوتكنولجي في الثورة الصناعية الرابعة. اضف الى الصناعات الإلكترونية، فيمكن ان يدخل التشعيع النيوتروني الى مجال التحكم بالصفات الفيزيائية للمواد على المستوى النانوي مثل احداث تغييرات على التركيب البنائي للمادة ودراستها ميكروسكوبياً

الأحجار الكريمة الصناعية: تعتبر الأحجار الكريمة الصناعية بديلا للطبيعية بسبب الفرق الكبير في الأسعار والألوان المتميزة. فمثلا يتميز التوباز بعد تشعيعه باللون الأزرق بدرجاته وتسمياته المختلفة وكذلك اللون الأخضر واللون البني. وكذلك يمكن تشعيع انواع اخرى من الأحجار الكريمة ذات الألوان المختلفة لتعزيز ألوانها اولإيجاد الوان جديدة. لابد من ملاجظة ان عملية التشعيع النيوتروني تؤدي الى إكساب المادة المشععة للخصائص الإشعاعية الإنبعاثية مما قد يؤدي الى آثار صحية للمستخدم. لذلك لابد من تخزين المادة المشععة فترة مناسبة تحدد من الهيئة الرقابية ذات العلاقة حتى تنتهي اشعاعيتها وتضمحل الى مستويات لاتشكل فيه ضرراً صحياً. يذكر ان حجم التجارة بهذا النوع من الأحجار الكريمة قد قدَر بحوالي 32 مليار دولار في العام 2023 وبمعدل نمو 6% سنويا الى حوالى 57 مليار دولار في العام 2033. ومن اشهر الشركات المتعاملة بالأحجار الكريمة ومنتجات الرفاهية والمصنعة لها شركة تيفاني الأمريكية وشركة باندورا الدنماركية وشركة سواروفيسكي النمساوية

الإستخدامات الطبية والصناعية: تستخدم النظائر المشعة في المجالات الطبية مثل علم الأمراض وأمراض القلب والرئة وانواع السرطان المختلفة مثل سرطان البروستات والغدة الدرقية والسرطانات الصلبة. وكذلك تستخدم النظائر المشعة في العلاجات التخفيفية...الخ. لابد من الإشارة الى انه يمكن استخدام مفاعلات البحوث في التصوير النيوتروني للمواد بنفس مبدأ التصوير بالأشعة السينية وذلك بإنتاج صورة دائمة للمادة المراد تصويرها باستخدام الحزمة النيوترونية.

وبعد، فهذه لمحة مختصرة عن اوجه استخدام مفاعلات البحوث في خدمة الإنسان والمجتمع، على ان طرق وكيفية الإستخدام تنبع اساساً من الحاجة المجتمعية الفعلية لذلك والتي لايمكن بأي حال حصرها فيما مجال محدد. ولابد من الإشارة ايضا الى ان قدرة المفاعل وتصميمه يحددان امكانية واقتصادية الإستخدام.

* استاذ في الجامعة الأردنية





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :