مع الأحزاب ومع الانتخابات
د. عاكف الزعبي
04-09-2024 03:28 PM
ثقيلة وصعبة مهام وخطوات الدولة لبناء حركة نهوضها، تبدأ في انجاز العقد الاجتماعي، ويتبعها بناء النظام العام للدولة المدنية ( دولة القانون والمواطنة )، وامتلاك المشروع الوطني لحماية أمن الوطن، ورعاية مصالحه العليا، والمحافظة على موارده وضمان استدامتها وصولاً إلى تمكين الإدارة العامة من القيام بمهامها التنموية بكفاءة وفعالية وتعاون بين إدارة عامة تتسم بالمؤسسية وشراكة فاعلة مع مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني.
خلال مئويتها الأولى التي غمرتها التحديات تمكنت الدولة الأردنية من انجاز عقدها الاجتماعي على ثلاث مراحل: القانون الأساسي 1928، ودستور عام 1946 ثم دستور عام 1952 الذي جعل نظام الحكم ( نيابياً ملكياً وراثياً) كما أرست النظام العام للدولة بشراكة شعبية تمثيلية نيابية واستقلال سلطات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية والفصل بينها، واستكمال المؤسسات التنفيذية العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والرقابية.
منذ العام 1990 قامت الدولة الأردنية بتوجيه ملكي بثلاث مبادرات رئيسية لاستكمال إرساء قاعدة ( مشروعها الوطني ) لحماية أمن الوطن ولتحديد رؤية استراتيجية لمستقبله ورعاية مصالحه العليا. ( الميثاق الوطني 1990)، و(الاجندة الوطنية 2004)، و( لجنة الحوار الوطني 2011) لكن نصيبها في التنفيذ لم يلب الطموح خاصة وأن مبادرة الاجندة 2004 قد انتهت في مهدها. ولذلك أطلق جلالته مبادرته الرابعة منتصف العام 2022 للتحديث في ثلاثة محاور (السياسي، والاقتصادي، والإداري) للمساهمة في استكمال إرساء قاعدة مشروعنا الوطني.
كان رأيي إلى ما قبل مبادرة جلالته للتحديث في محاورها الثلاثة، اننا تأخرنا في إطلاق مشروعنا الوطني 30 عاماً مرت لم نحرز خلالها أي تقدم عبر مبادرات ثلاث 1990 و2004و2011. وبعد مبادرة جلالته للتحديث 2022 أقول أن لم ننجح هذه المرة لا سمح الله فلسوف يتأخر مشروعنا إلى 30 عاماً أخرى قادمه. ونحن اليوم لا نملك الترف في أي شيء وخيارنا هو النجاح فقط لا نملك خياراً غيره شعباً وقيادة ومؤسسات ودولة باشرت دخولها إلى مئويتها الثانية بعزم وأمل.
الذين يخوضون حالياً غمار خيار النجاح بإيمان وجهد غير مسبوقين ويتسلحون بإدارة وطنية قوية لبناء تجربة الوطن الحزبية وانجاح العملية الانتخابية هم الرواد الذين يمضون في عملهم دون التفات للجالسين على كنباتهم لا يلوون على شي، ومن غير احترام لمحترفي الشيطنة الذين لا يعبرون عن أي شيء آخر غير إفلاسهم وسوء ضمائرهم.
الذين يقودون تجربة العمل الحزبي اليوم يأخذون بأيدينا ويسبقوننا إلى صناديق الاقتراع على ما في التجربة الحزبية الأولى من ثغرات متحملين مسؤولية العمل والانجاز وهم يستحقون بذلك كل الاحترام والتقدير والدعم والتأييد. وسوف يحسب لهم موقفهم هذا في قادم الأيام كرواد قرنوا إيمانهم بالعمل وتفوقوا على غيرهم وعلى أنفسهم في سبيل خدمة وطنهم ومستقبل شعبهم.